الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

نهوض موريتانيا أصبح قريباً

لعلَّ كثيرًا من الناس لا يعرف أنَّ موريتانيا دولة غنية، ومساحتها تتجاوز مليون كيلومتر مربَّع، ويُقدَّر سكانها بـ4.4 مليون نسمة، وإذَا تركنا الحديث عن الثروات الطبيعية المحتمَل وجودها – ولعلها كثيرة –، فإنَّ أهم الموارد المعروفة حاليا هي الثروة الحيوانية والسمكية الضخمة، والحديد، والذهب، والغاز الذي اكْتُشِفت منه مؤخَّرا كَمِّيات هائلة.

ورغم ذلك تُوصَف موريتانيا بأنَّها بلد فقير!، والسبب معروف، فهذه الدولة حَكَمتها أنظمة فاسدة طيلة 40 عامًا نَهَبَت ثرواتها على حساب شعبها الذي ظَلَّ يقبع تحت وطأة الفقر والمرض، وتعطَّلت المشاريع الإنتاجية والخدمية، وبرزت اقتصاديات طفيلية قائمة على الفساد؛ حتى إنَّ بعض تلك الأنظمة ضايَق التجار في تجارتهم والمستثمرين في استثماراتهم، بل ضايَق الفقراءَ في مصادر رزقهم المحدودة، ولا أحدَ من المسؤولين طيلة هذه العقود، إلا ما قلَّ، فكَّر في المصلحة العامة، بل كل ما أَهمَّه وشغل بالَه هو نهب المال العام وتحقيق الثراء السريع بأي وسيلة!، فكم من مسؤولين كانوا فقراء أصبحوا بين عشية وضحاها أغنياء؛ وكم من مجهولين صاروا في طرفة عين نجومًا تلمع في سماء الشُّهرة!.

وهكذا ظلَّ الشعب طيلة تلك العقود السوداء يئن تحت وطأة الفقر والأمية، 40 سنة من الغبن والظلم جَثَمت عليه فأفقرته، سنوات عِجاف أكلن الأخضر واليابس؛ لذلك فقد الشعب ثقتَه بالحكومة، وغاب مفهوم الدولة أو كاد يفقد.


والآنَ آنَ لهذا الليل الأسود أن يَنجلي، ولهذه الظُّلمة الطويلة أن تَتَبدَّد؟!، فاليوم هناك شعاع يلوح في نهاية هذا النفق المظلم الذي دخلت فيه البلاد منذ عقود، فالرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي يقود البلاد منذُ 130 يومًا، يبدو أنه يملك إرادة الإصلاح، وأنَّه ماض في وضع البلاد على الطريق الصحيح، ويَتَجلَّى ذلك في إنشاء مؤسسة تابعة للرئاسة مكلَّفة بمكافحة الفقر والتهميش الاجتماعي، وفي وضع آلية لتقريب الإدارة من المواطنين، وسينشأ قريبًا مجلس رئاسي لمتابعة وتقييم تلك السياسات.


وأظن أنَّ البدءَ بهذه الأبعاد الاجتماعية للتنمية مدخلٌ صحيح لتحقيق الاستقرار والوِئام الأهلي، وإذا نُفِّذَت هذه السياسات، مع الانفتاح السياسي – الذي بدأ يُلحَظ –، ومع التطوير الاقتصادي، وإصلاح التعليم والصحة، وإنشاء بُنى تحتية متطورة، والقضاء على الفساد – وهذا الأخير مهم جدا –، فإنَّ موريتانيا ستنهض.