الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الجزائر.. الانتخابات و«العصابة»

اليوم ـ الخميس 12 ديسمبرـ تجري الانتخابات الرئاسية في الجزائر، وقد اعتبرها كثير من المراقبين انتخابات فارقة، بالنظر للظروف التي تحيط بها، بين أقلية أيديولوجية قوية مالياً وإعلامياً رافضة لها، وبين أغلبية «مسحوقة» مؤيدة لها.. الفريق الأول يرى أن الظروف ليست مناسبة، لإجرائها، بينما يرى الثاني أنه لا حل سوى الانتخابات، وما دون ذلك هو «الخراب المدمر».

وقبل أسبوع من تنظيمها، جرت محاكمة ما أصبح يعرف بالعصابة، المتمثلة في وزيرين أولين سابقين، وكثير من الوزراء، والعديد من رجال المال والأعمال وبعض الولاة.. وصدر الحكم يوم الثلاثاء الماضي، وقد تفاجأ المواطنون لهول ما سمعوه من نهب للمال العام، فالوزير الأول أحمد أويحيى مثلاً، اعترف بتلقيه مبلغ «30 مليار سنتيم» هدايا من أصدقائه، فيما يقدر النهب والتبذير بآلاف المليارات.

لذلك أصبحت «العصابة» التي ترمز عادة لرجال بوتفليقة الفاسدين، في قلب الانتخابات الرئاسية، فالمترشح الذي يستطيع أن يقنع الناخب الجزائري بأن لا «رحمة ولا شفقة ولا عفو رئاسياً» لصالح العصابة، هو الذي يحظى بتزكية الشعب.


وترتبط مع هذه القضية، قضية أخرى تتمثل في «استرجاع المال العام المنهوب»، الذي ظل المترشح عبد المجيد تبون يؤكد أنه قادر على استرجاعه، وجدد تأكيده خلال المناظرة التلفزيونية التي جرت يوم 6 ديسمبر الماضي، بينما رأى مترشحون آخرون صعوبة استرجاعه، وذهب آخر وهو عز الدين ميهوبي إلى التلميح بالتفاوض مع «العصابة المسجونة»، وفهم ذلك الرأي العام على أن التفاوض سيكون مساومة لإطلاق عناصر العصابة مقابل بعض الفتات من المال المنهوب.


وبدأ الرأي العام يصطف حول المترشحين بدافع الموقف من«العصابة» والمال المنهوب، ولم تتردد بعض الشخصيات في إصدار بيانات تدعو للتصويت على هذا الأساس، مثل أحد قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ وهو علي جدي، الذي دعا تلميحا واضحا إلى التصويت لصالح «تبون» واعتبر ميهوبي امتدادا للعصابة.

أما ثالث أبرز المترشحين، وهو علي بن فليس، فيبدو أن حظوظه قد تلاشت، بعد أن أوقف الأمن واحدا من مساعديه في الحملة متهما بالجوسسة لدولة أجنبية، ورغم تكذيب علي بن فليس وجود قرابة مع المتهم، فإن العدالة أكدت قبل 24 ساعة فقط عن الإنتخابات، صلة القرابة التي تعود لعام 2003، والخدمات التي استفاد منها كتسوية حساب بنكي لبن فليس وزوجته في الخارج.

وإذا جاز لي أن استشرف بناء على ما سبق، فإن الانتخابات الجزائرية ستحسم في الدور الأول بناء على قوة الموقف من العصابة.