الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

مفاوضات سدّ النهضة.. ومياه النيل

انطلقت المفاوضات في واشنطن بين وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا يوم 6 نوفمبر الماضي تحت رعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي، وبعد طول انتظار وترقب، حان الوقت لتجتمع هذه البلدان الثلاثة من أجل محاولة إيجاد الحلول للمشاكل المتعلقة بتقاسم مياه النيل واستغلالها بطريقة عادلة.

ومنذ عام 2011، بدأت مصر بالتعبير عن احتجاجها العلني من بناء سد النهضة على مجرى النيل الأزرق في إثيوبيا، وبالرغم من كل التهديدات العسكرية التي رافقت عملية الاحتجاج والعقبات المالية التي واجهتها إثيوبيا، فإن المشروع يشرف على الانتهاء.

وأوحت تسمية «أحمد آبي علي» رئيساً لوزراء إثيوبيا بدعم من الولايات المتحدة، بأن السد أصبح يمثل العنصر الأهم في تحقيق النمو المنشود، وتحويل إثيوبيا إلى لاعب إقليمي أساسي، وهناك العديد من الإنجازات السياسية التي تحسب له، ومن أهمها: المصالحة الشهيرة مع إرتيريا، والتي ترافقت مع فوزه بجائزة نوبل للسلام لعام 2019، وأيضاً بسبب افتتاحه لقنوات التواصل الجديدة مع الدول المطلة على خليج عدن، وكلها من العلامات البارزة في الحركة التنموية المتسارعة والمثيرة للإعجاب التي تشهدها إثيوبيا.


وسارعت مصر للتعبير بصوت عالٍ عن رفضها لهذا البروز السياسي لإثيوبيا كقوة إقليمية، وليس من المستبعد أن تكون قد حاولت اللعب على وتر الخلافات الإقليمية والعرقية التي تجتاح إثيوبيا، ويقال أيضاً إنها عمدت بالفعل إلى نشر جنودها على الحدود الإثيوبية المشتركة مع دولة جنوب السودان، ويمثل كل إجراء يحمل في طياته معاني التحدي والعداء أثناء السعي للمشاركة في تقاسم مياه النيل واستغلالها ما يشبه اللعب بالنار، في وقت تسعى فيه دول القرن الأفريقي لتحقيق الاستقرار والتنمية بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة.


ويمكن لسد النهضة ذاته أن يمثل الأداة الفعالة لتحقيق الفوائد المتبادلة للدول المطلة على النهر، وقد اقتنعت السودان بالدور الإيجابي للسد في تنظيم الفيضانات الموسمية للنيل الأزرق بمساعدة السدود السبعة التي تقوم ببنائها عليه شمال الخرطوم، ولا تزال مصر تشعر بالقلق من أن كمية المياه الباقية للاستغلال أقل مما يلزمها طالما أن الزراعة تعد المصدر الأساسي للدخل، وأن نظام الري الذي تعتمده يعتبر سبباً في خسارة كمية كبيرة من المياه التي تحتاجها الزراعة.

وبالتأكيد، فإن الأمن الغذائي سوف يشكل اهتماماً أساسياً بعد أن اقترب عدد سكان كل من مصر وإثيوبيا من 100 مليون نسمة، وربما تمثل هذه المفاوضات خطوة لبناء مستقبل مزدهر للدول المعنية.