الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

خلاف أوروبي ـ أمريكي حول داعش

من أبرز المواضيع الخلافية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والقادة الأوربيين مصير عناصر داعش من أصل أوروبي أو حاملي جواز سفر أوروبي، المعتقلين حالياً على الحدود الرمادية بين العراق وسوريا وتركيا.

ومنذ أن اتخذ ترامب قراره الاستراتيجي بسحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، كانت هناك دعوة أمريكية مباشرة وملحة للدول الأوروبية باسترجاع مقاتلي داعش الأوروبيين المحتجزين من طرف أكراد سوريا، وقد تحول الطلب بعد ذلك إلى تهديد مباشر بإطلاق سراحهم، مع إمكانية أن يتسللوا بعد ذلك إلى الفضاء الأوروبي ويدبروا اعتداءات إرهابية انتقامية.

فرنسا رفضت الرضوخ للطلب الأمريكي، الذي تحول لاحقاً إلى ابتزاز تركي لـ3 أسباب لها علاقة بالأجواء السياسية المخيمة حالياً على الفضاء الأوروبي.


أولها: أن السلطات الفرنسية لا يمكن أن تستحمل سياسياً وإعلامياً صور طائرات مدنية أو عسكرية تنطلق من بغداد أو إسطنبول، محملة بمئات الإرهابيين وعائلاتهم وهي تحط الرحال في المطارات الفرنسية، فقد يتسبب ذلك بصدمة سياسية عاصفة يمكن أن تستغلها القوى المعارضة لعهد الرئيس إيمانويل ماكرون، لكي تستثمر في الكابوس الأمني الذي يؤجج حالياً النعرات الوطنية والتيارات المتقوقعة على الذات.


وثانيها: يطال قدرة هذه الدول الأوروبية على استيعاب ومعالجة ظاهرة عودة الإرهابيين وأفراد عائلاتهم، وحتى إن أرغمت على ذلك فستواجه فرنسا إشكالية الضغط على سجونها التي تئن أصلاً تحت وطأة وتأثير ظاهرة التطرف الديني المتزايدة التي تؤطر مساجينها، والتي استطاعت أن تحول بعضها إلى جامعات ظلامية تفرخ متطرفين ومتشددين، سيغادرونها باسم دولة القانون عند انتهاء مهلة عقوبتهم كيفما كانت مدتها.

وثالثها: إن فرنسا ودولاً أخرى بلورت مقاربة لتفادي التعامل وطنياً مع هذه الظاهرة، والتأكيد على ضرورة أن يحاكم هؤلاء الإرهابيون في الأماكن التي ارتكبوا فيها جرائمهم، ولتجنب إنزال عقوبات الإعدام التي تعترضها أخلاقيات مجتمعاتهم اقترحت فرنسا إنشاء آلية قضائية دولية في العراق، يتم بموجبها محاكمة هذه العناصر الداعشية من أصل أوروبي دون الذهاب إلى حد تطبيق عقوبة الإعدام.

لهذه الأسباب ارتفعت أصوات تندد بالموقف الأوروبي، الذي سبق أن رفض غوانتنامو الأمريكي، لسهولة تقبله إنشاء غوانتنامو أوروبي على الحدود التركية ـ السورية.