الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الثابت والمتحرك في مجازر إيران

ما بين أرقام منظمة العفو الدولية التي تشير إلى أن 304 إيرانيين على الأقل قتلوا في الحملة التي شنتها السلطات لقمع الاحتجاجات، التي اندلعت الشهر الماضي في إيران، وبين أرقام المعارضة التي تتحدث عن 1500 قتيل، فإن المتحرك هو الرقم والثابت هو ارتكاب سلطات طهران مجزرة حقيقية إزاء مواطنيها، وذلك في 3 أيام فقط.

بغض النظر عن عدد القتلى في احتجاجات إيران فإن دماء بريئة أهرقت وهي تطالب بالحياة الكريمة، وآلافاً اعتقلوا للتغطية على هذه الدماء، وحريات انتهكت، وشعباً عُزل عن العالم، كل هذا جرى ويجري والإعلام الدولي يذر الرماد في عيوننا بخبر مقتضب أو تقرير على استحياء.

لأعوام طويلة والعالم منبهر بمصداقية ومهنية وسائل الإعلام الغربية، باعتبارها الصحافة الأكثر قرباً للحقيقة والمدافعة عن حقوق الإنسان، وصاحبة الجلالة التي تهتز لتقاريرها أنظمة ودول، وترصدها مؤسسات عديدة خوفاً من تقرير هنا أو فضيحة مدوية هناك، ولكن هل هذا الوجه الوحيد لهذه الوسائل؟ أم أن الأجندات الخفية ولعبة المال والنفوذ هي المسيطرة، وما عدا ذلك مجرد مساحيق تجميل لا تغني ولا تسمن من جوع.


لعقود وهذا الإعلام غريب عنا لا يصلنا منه إلا ما يراد له أن يصل، بحيث ترسخت لدينا صورة ذهنية عن احترافية العاملين فيه ومصداقيتهم، إلا أنه ومع ظهور وسائل التواصل وانتشار الإعلام الرقمي الذي سهل متابعة الإعلام الدولي بكل أدواته، ظهرت لنا عورته لنكتشف حجم الخداع الذي يمارس علينا بحجة الإعلام المستقل والدفاع عن الحقيقة، ففي نهاية الأمر ليس هناك من مبادئ ولا ركائز أساسية، بل مجرد أدوات تابعة تضخم قضية ما رغم هزليتها، وتتغاضى عن أخرى رغم أنها موسومة بالدماء والمجازر.


قصارى القول، إن ما يجري في إيران ليس بعيداً عن السياسة العالمية بجميع مفرداتها، فالنظام الإيراني يبدو أنه يقوم بدور مطلوب منه، ويعمل ضمن سياق محدد مرسوم له، أو على الأقل أن وجوده يخدم أجندات أكبر من منطقتنا، وإذا لم يكن الحال هكذا، فلماذا إذاً هذا الصمت غير المبرر لما يجري في شوارع إيران؟ ولماذا تشيح الصحافة العالمية بوجهها عن الدماء التي تسيل كلما حاول الشعب الإيراني رفع صوته ضد الظلم والقهر الذي يمارس عليه؟.. ببساطة ورقة التوت سقطت، فلا إعلام مستقل ولا حريات يدافع عنها، بل مجرد ديكور لاستكمال المسرحية.