الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

في الجزائر.. الجميع فائز

الكل فاز ونجح في انتخابات الجزائر، حيث خاض البلد الشقيق والعزيز تجربة مهمة يجب أن نكبر جميع أطرافها؛ الحراك الشعبي نجح في منع تجديد العهدة الخامسة للرئيس السابق بوتفليقة؛ ونجح كذلك في محاسبة رموز الفساد وإبعادهم عن الواجهة؛ فضلاً عن تقديمهم للعدالة؛ وجعل من مواجهة الفساد قضية عامة تهتم بها مؤسسات الدولة.

والجيش الوطني نجح، بامتياز؛ في المحافظة على تماسك الدولة وتوازن القوى فيها؛ وانحاز إلى رغبة الجماهير، في عدم التجديد للرئيس بوتفليقة ومواجهة الفساد، مع الحفاظ على مؤسسات الدولة؛ وأصر على إجراء انتخابات رئاسية، تمت بلا تزوير؛ ونجح الرئيس المؤقت في أن يقود دفة الأمور، رغم صعوبة الموقف.

ويحسب للجميع؛ وخاصة جماعات الحراك أنهم التزموا بالسلمية؛ فبرغم المظاهرات كل جمعة في شوارع العاصمة، لم تمتد يد لإحراق أي منشأة عامة؛ ولا جرى المساس بحياة أي مواطن أو أي فرد من رجال الأمن؛ على غرار ما حدث في مصر يوم 28 يناير 2011؛ حيث تم اقتحام قوات الشرطة ومحاولة إحراق المتحف المصري وغيره.


ورغم حماس مجموعات الحراك، وتبنيهم فكرة إسقاط الجميع أولاً؛ أو فكرة الهدم قبل الشروع في البناء، إلا أن عموم الجزائريين؛ أو من نسميهم في مصر بـ «حزب الكنبة» كانت أعينهم على ما جرى في دول عربية؛ حين اندفعت كل الأطراف إلى تدمير كل شيء، مما أدى إلى تفتيت مجتمعاتهم ودولهم؛ وأظن أن كل الأطراف في الجزائر كانت على وعى بتجربة نهاية الثمانينات وسنوات التسعينات؛ حين ألغيت نتائج الانتخابات، مما أدى إلى تفجر العنف والإرهاب، فيما عرف بالعشرية السوداء.


وهكذا فإن كل طرف حرص على شعرة معاوية وتجنب الانزلاق إلى الاحتدام أو الصراع الأهلي.. صحيح أنه في بعض اللحظات بدا أن الجميع يقتربون من حافة الهاوية؛ لكن كانت الحكمة تتغلب في اللحظة الأخيرة.

الرئيس عبد المجيد تبون تجاوز الـ70؛ وله تجربة سياسية طويلة؛ كان وزيراً ثم وزيراً أول، وقد نجح رموز الفساد في إقصائه سنة 2017؛ وهذا يعنى أن لديه خبرة ويعرف مواطن الفساد؛ وله موقف إصلاحي واضح؛ وهو بحكم السن يريد أن ينهي مشواره في العمل العام بما يحقق إصلاحاً ونهضة حقيقية لبلاده.

الرئيس الجديد قدم وعداً بالعمل على تغيير الدستور وأنه لا إقصاء ولا إبعاد لأحد؛ وأبدى استعداده للحوار مع الحراك؛ فقط يحتاج المشاركة والمساعدة والمعاونة لتنفيذ تلك الوعود لأن المقبل أصعب.. فإسقاط نظام أسهل وأهون كثيراً من بناء نظام جديد ديمقراطي مدني..