الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

الساحل الأفريقي.. الفشل والمساعدات

قوبلت قمة دول بلدان الساحل الأفريقي التي ترأسها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخراً بالكثير من الانتقادات والاحتجاجات الشعبية في تلك المستعمرات الفرنسية السابقة.

وفي المقابل، اتهم ماكرون زملاءه الأفارقة بصراحة تامة بافتقارهم البالغ للتصميم والعزيمة في حربهم المشتركة ضد تنظيم «داعش» الإرهابي وأتباعه المحليين، إلا أن رد فعلهم على هذه الإهانة، بالرغم من أن معظمهم رهين المصالح الفرنسية، ويفتقد للشرعية المحلية بسبب ذلك، تلخص بمشاركة عامة الناس غضبهم من القصور العسكري الذي يظهره الجيش الفرنسي المنتشر في بلدان الساحل منذ 5 سنوات، وهذا الجيش الذي يبلغ عدده 4500 جندي، من الواضح أنه غير قادر على مراقبة منطقة صحراوية تزيد مساحتها عن مساحة أوروبا كلها، ولهذا السبب، فإنهم عاجزون عن مطاردة أفراد الجماعات المسلحة، وغير قادرين حتى على حماية السكان المحليين من الهجمات الإرهابية، أو على العمل على رأب الصدع متزايد الاتساع بين الرعاة العابرين للحدود وأصحاب الأراضي الزراعية.

وحاولت فرنسا مراراً تدريب وتأهيل الجيوش الوطنية لتلك البلدان من دون أن تحقق نجاحاً يُذكر في هذه المهمة المعقدة، والمشكلة الحقيقية لا تتعلق بالقابلية للتسلح أو التدريب، بل بنقص الدوافع والميول الجادة لأداء هذه الأعمال، وتبدو بلدان الساحل الأفريقي بشكل متزايد كدول فاشلة، كما أن البلدان الأوروبية بشكل عام، ليست متحمسة لمشاركة فرنسا في هذه الحرب العبثية ضد الإرهاب، وترى تلك البلدان أن المشكلة الأساسية نشأت كنتيجة لسلوك فرنسا غير العملي في مساعدة تلك البلدان بشكل جدي بعد انتهاء العهود الاستعمارية، والاعتراف باستقلالها منذ عام 1960.


وربما يكون من الصعب القبول بالحقيقة التي تفيد بأن انهيار تلك الدول الصحراوية يعود لمبادرة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، التي حثَّ بموجبها الرئيس الراحل معمر القذافي على أن ينفق جزءاً مهماً من مداخيل ثروة بلده النفطية لدعم الميزانيات المحلية لدول تقع جنوب الصحراء، ولم يكن هناك إلا القليل من الشك في أنه كان يدعم في الوقت ذاته الحملة الانتخابية للرئيس الفرنسي.


وبالرغم من وفرة المساعدات الرسمية الفرنسية الخاصة بالتنمية، إلا أن فرنسا لم تبذل إلا القليل من الجهد لمواجهة التحديات التي تعاني منها تلك الدول، وفيما يمكن توجيه الكثير من اللوم في هذا المجال لظاهرتي التصحُّر والتغير المناخي الطبيعيتين، إلا أن الجهود التي بُذلت لتطوير النظامين التربوي والصحي خارج المدن الكبرى كانت ضعيفة جداً.

وفي دول يتضاعف عدد سكانها كل 20 عاماً، يجب التركيز قبل أي شيء آخر على الإسراع في تثقيف الفتيات وإقناعهن بتجنب الزواج المبكر وتدريبهن على الأعمال والوظائف التي يحتاجها المجتمع، ومن شأن هذه المبادرات أن تجمع بين وضع الحلول لمشلكة توظيف الشباب، الذين كثيراً ما ينخرطون في صفوف المجموعات المسلحة والمهربين، وبما من شأنه تخفيض معدلات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.