الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

روسيا وأوروبا.. علاقات رأب الصدع

قبل 30 عاماً، تم التوقيع على اتفاقية للتعاون والتبادل التجاري بين الاتحاد السوفييتي السابق والجماعة الأوروبية في مدينة بروكسل، وأصبحت تلك الاتفاقية فيما بعد، الأساس الذي قامت عليه العلاقات الرسمية بين روسيا كدولة متبقية من انتهاء الحقبة السوفييتية من جهة، والاتحاد الأوروبي من جهة ثانية.

وفي عام 1994، وقّعت روسيا وأوروبا اتفاقية استراتيجية تهدف لخلق مجالات عامة للشراكة في مجالات الاقتصاد والأمن الخارجي وتكريس الحرية والعدالة وتطوير العلم والتربية والتعليم والثقافة، ومع ذلك، لم يكن في المقدور ضمان استدامة تلك الشراكة المعلنة، وكان الاتحاد الأوروبي يرى أن هذه الشراكة ليست إلا نتاجاً لحاجة روسيا لاتخاذ قرارات موسومة بعبارة «مصنوعة في الاتحاد الأوروبي».

ولم يكن الاتحاد الأوروبي مستعداً لقبول المساواة في العلاقات مع روسيا، ووفقاً لمفهوم بروكسل وقاموسها، أصبح اسم «أوروبا» مرادفاً لمفهوم «الاتحاد الأوروبي»، وتم التعاطي معه وكأن هناك «أوروبا» حقيقية تضم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي دون غيرها، وما تبقَّى من دول القارة بقي بحاجة لاكتساب هذه الصفة، وهي محاولة جديدة للتقسيم الاصطناعي للقارة وتشويه الجغرافيا والتاريخ.


ولا شك أن هذا التوجه لا يفيد أحداً، ذلك أنه من النواحي الجغرافية والتاريخية، كانت روسيا ولا تزال وسوف تبقى جزءاً لا يتجزأ من أوروبا، وتتمتع بهويتها الأصلية التي يفتخر بها الروس الذين يعتبرون أنفسهم جزءاً من الحضارة الأوروبية، وعلى مرّ القرون، ساهمت روسيا في تمددها وتوسعها حتى وصلت إلى المحيط الهادئ.


وبالرغم من الخلافات المستعصية التي تقوم بين الطرفين الآن، فلقد بقيت أوروبا تعد الشريك التجاري والاقتصادي المهم لروسيا، وهي القادرة على إرساء أسس السلام، والمشاركة في تحقيق الازدهار والأمن في هذا الجزء من«أوراسيا»، ولولا الموقف المتحيز الذي تبناه الاتحاد الأوروبي من أحداث أوكرانيا لبلغ حجم التجارة بين روسيا وأوروبا الآن أكثر من نصف تريليون دولار، أو ما يقارب حجم تجارة أوروبا مع الولايات المتحدة أو الصين.

وتتوقع موسكو من القيادة السياسية الجديدة للاتحاد الأوروبي أن تحذو حذو كبار السياسيين الأوروبيين ـ من أمثال: شارل ديجول ـ الذين كانوا ينظرون إلى أوروبا على أنها «وطن لكل الأوروبيين».

وتنظر روسيا إلى الاتحاد الأوروبي على أنه أحد المراكز العالمية متعددة الأقطاب، وتسعى موسكو لتحسين العلاقات معه، وفقاً للخط الذي ينتهجه الرئيس بوتين لتكوين شراكة أوراسية ضخمة، تمتد من ضفاف المحيط الأطلسي وحتى مشارف المحيط الهادئ.