الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«الناتو».. والأزمة التركية الفرنسية

إن مشكلات تركيا ليست مع دولة أوروبية واحدة، كما أنها ليست على اتفاق تام مع الاتحاد الأوروبي ولا مع حلف الناتو العسكري، وما يظهر أكثر من تلك المشكلات والأزمات هو ما يطفو على المنصات الإعلامية، وفي مستويات عليا بين المسؤولين، فتظهر بين الفينة والأخرى مع هذه الدولة أو تلك.

إن الأزمة الأخيرة بين تركيا وفرنسا مثال ذلك، فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وجه تحذيراً للبُلدان الأوروبية التي اتهمها بأنها لا تأبه بمخاوف تركيا الأمنية، وعلى رأسها فرنسا، بسبب معارضتها بشدة للتدخل التركي العسكري في سوريا بمسماها التركي: نبع السلام.

وذكر أردوغان فرنسا بالاسم قائلاً: «أولئك الذين لا يأبهون بمخاوف تركيا الأمنية وعلى رأسهم فرنسا، بحقيقة أنه لولا تركيا لتدفق الإرهابيون من جميع أنحاء العالم إلى أوروبا»، فهذا التذكير المستمر بأن أمن أوروبا يعتمد على أمن تركيا، وأن على الجميع ألا ينسى أبداً أنه ما لم تكن تركيا آمنة، فإن الوضع الأمني في أوروبا سيبقى هشاً، وهذا يعني أن تركيا تقايض الدول الأوروبية أمنياً، أو بالتهديد الأمني مقابل موافقة تلك الدول على السياسات التركية الداخلية والخارجية.


وارتفعت حدة التوتر بين البلدين على خلفية تبادل الاعتراض على وصف الرئيس الفرنسي ماكرون لحلف الناتو بأنه في «حالة موت دماغي»، بأن استدعت الخارجية الفرنسية السفير التركي لديها، وكأن قيادات كل من الدولتين تنتظر من الأخرى تقديم ما تبرر به رفع التوتر بينها وتقديم الشكاوى عليها.


بينما قضية الخلاف الأساسية لتركيا مع فرنسا هي اتهامها لفرنسا بدعم عناصر حزب العمال الكردي ووحدات حماية الشعب الكردي «YPG /‏‏‏ PKK»، واستقبالهم في قصر الإليزيه، والذين تتهمهم تركيا بالإرهاب وتهديد أمنها الوطني داخلياً والقومي خارجياً، واتهامها فرنسا بتقديم الدعم السياسي واللوجستي لهم، بل بلغ الأمر باتهام وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو للرئيس الفرنسي ماكرون بأنه هو «بالفعل الراعي للمنظمة الإرهابية ويستضيفهم باستمرار في قصر الإليزيه»، مشيراً إلى وحدات حماية الشعب الكردية (YPG).

إن هذه التوترات التي تظهر على شكل تراشقات إعلامية تخفي داخلها نوايا أزمات أكبر بين البلدين في المستقبل، والأخطر منها أن ترتفع هذه الخلافات والأزمات إلى مستوى الخلاف مع حلف الناتو كما تحاول الحكومة الفرنسية، بينما تحاول الحكومة الألمانية خفض الخلاف بين أوروبا وتركيا إلى أقصى درجة.