الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الجزائر.. ثمار الحَراك المستترة

انتُخِب عبد المجيد تبون رئيسًا للجزائر بعد نحو 10 شهور من حَراك شعبي سلمي عظيم، ويَحقُّ للجزائريين أن يفخروا بثورتهم التي استمرت شهورًا كثيرة دون إراقة دم.، وبهذه الانتخابات تَعْبُر الجزائر بأمان عَتَبة الديمقراطية. وقد حقَّق الحراكُ كثيرًا من أهدافه، رغم أنَّه لا يُقِرُّ بذلك، فمن يقرأ تأثيرَ الحَراك في الأحداث كمن يقرأ حركةَ الماء في نهر هادئ، فالمياه تَتحرَّك بقوة لكنَّنا قد لا نرى حركتها، فقد أزيحت رموز النظام من قمة السلطة، وانتخب رئيس جديد، وعُيِّن رئيس وزراء جديد في حكومة انتقالية، وانطلقت متابعات الفساد،.. إلخ.

وكما فعل الرئيسان الموريتاني والتونسي، وضع تبون الإصلاحَ ومحاربة الفساد في قمة أولوياته، فأعلن في أوَّل خطاب له بعد انتخابه أنه سيعمل على تعزيز الديمقراطية والإصلاح الدستوري، والحوار مع الحَراك، وبناء «الجمهورية الجديدة بعقلية جديدة وأخلاق جديدة ومنهجية جديدة».

نعم أثار ترشُّحه وانتخابه جَدلا، فالحَراك يرفضه ويرى أنه جزء من المؤسسة الحاكمة.،غير أنَّ بعض المراقبين يرى أنه مستقل عنها، رغم خروجه من رَحِمِها، بل يراه الشخص الأنسب لقيادة الجزائر حاليًّا، وأنَّ خدمته في النظام القديم قد تكون ميزةً لمصلحة البلاد لأنه سيستغل خبرتَه في الإدارة والحكومة ومعرفتَه الدقيقة للمشاكل التي تواجه الجزائر لأجل الإصلاح.


صحيح أن عبد المجيد تبون كان جزءًا من النظام، مثل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني؛ لكنَّ الرجلين يتمتعان برؤية مستقلة، وهذا ما لمسناه في الرئيس الموريتاني الذي جاء أيضًا من رَحِم النظام السابق، لكنه أثبت استقلاله.


وإذَا كان من السابق لأوانه الحكمُ على تبون الذي تسلَّم مَهامَّه منذ أربعة أيام فقط؛ فإنَّنا استنادًا إلى تجربته القصيرة في رئاسة الوزراء، يمكن أن نَتنبَّأ بأنه يملك قدرًا كبيرًا من الاستقلال، فهو عندما عُيِّن رئيسًا للوزراء في 25 مايو 2017، ما لبث إلا قليلا حتى نَشِبَ خلافٌ بينه وبين جماعة بوتفليقة في كثير من الملفات، فأُقِيل في 15 أغسطس؛ أي بعد أقل من ثلاثة أشهر.

وتُرجِع تقارير إعلامية أسبابَ إقالته إلى «أن رؤية رئيس الوزراء لم تكن متوافقة مع رؤية رئيس الجمهورية»، وهذا دليل على أنَّه كانت له تَوَجُّهات ورُؤى إصلاحية لم ترغب فيها المؤسسة الحاكمة ورجال الأعمال الفاسدون.