الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الجميع عالق فوق الشجرة

حالة الغليان المستمر في الشارع العربي، والتي يُعبر عنها بشكل جلي الشارع العراقي واللبناني حالة مرشحة للانفجار في أي وقت، والواقع يقول إن المتظاهرين خرجوا دون أجندات محددة وقيادات تمثلهم للتحاور مع السلطة، وما يوحدهم فقط شظف العيش والأحوال الاقتصادية المتردية، فلا قيادة للمحتجين تشكل بديلاً لما هو قائم، ولا سلطة قادرة على استنباط حلول تخرج الجميع من عنق الزجاجة.

الاحتجاجات التي اجتاحت العالم العربي شرقاً وغرباً فرضت واقعاً مأزوماً، بحيث بات الجميع فوق الشجرة، لا يعرفون كيف ينزلون عنها، ومما يعقد الأمر عدم وجود مرجعية قوية متفق عليها من الأطراف كافة، يمكن اللجوء إليها لإيجاد حل لهذا الواقع غير المسبوق، ولعل الحالة الجزائرية كانت الاستثناء نظراً لوجود جيش تمكن من ضبط إيقاع الاحتجاجات وإدارة دفة الأمور للوصول إلى حل قد يلبي متطلبات المحتجين، فيما يختلف الوضع في كل من العراق ولبنان ففي كلا البلدين مرجعيات متعددة وطوائف وأحزاب ولا أحد متفق مع الآخر.

إن الأزمات المتتالية التي يشهدها العالم العربي كشفت غياب الدور الحقيقي للأحزاب والأطر السياسية القادرة على تمثيل الشارع، بحيث إن الحشود التي خرجت للمطالبة بالإصلاح الاقتصادي والسياسي حشود غير منظمة ولا تنضوي تحت أي مظلة تمثلها في الحوار مع السلطة الحاكمة، وهذا ما يجعلها أقرب إلى فوضى الشارع، الرافض للكيانات السياسية كافة سواء الحاكمة أو المعارضة.


حالة الاحتجاجات العربية حالة غير مسبوقة، فالكيانات السياسية التي لطالما قدمت نفسها ككيانات معارضة قادرة على إدارة دفة الأمور ظهرت كيانات هشة، لا تمثل سوى «حفنة» من الشخصيات ذات التمثيل الضعيف، وذهبت كل مؤتمراتها السنوية وبرامجها أدراج الرياح، فالواقع أثبت أنها لا تمت للشارع بصلة، بل مجرد ديكورات و«دكاكين» يبحث أصحابها عن دور ما عبر مسرحية تمثيل الشعب.


احتجاجات الشارع العربي احتجاجات شعبية بامتياز كفرت بكل المكونات السياسية في شقيها الحاكم والمعارض، إلا أن السؤال المُلح هو: إلى متى سيبقى الحال على ما هو عليه، وهل ستنبثق عن الحشود الغاضبة قيادة تمثلهم لطرح مطالبهم أو إعلان نفسها سلطة أمر واقع، أم أن الأمور ستصل إلى مرحلة تدمير الشجرة التي يقف عليها الجميع؟