الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

أردوغان في تونس.. والعواصف من ليبيا

سيطرت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المفاجئة إلى تونس صباح الأربعاء الماضي، على الاهتمامات السياسية في تونس وليبيا.

وكانت أولى دواعي التركيز على هذه الزيارة «المُريبة» نابعة من عنصر المباغتة أولا، ولم يتم الإعلان عنها مسبقا من أي جانب، ومن أنها جاءت ثانيا في توقيت سياسي دقيق خاصة في ما يتصل بالأزمة الليبية، وما عرف عن الاصطفاف التركي إلى جانب حكومة الوفاق ومن يحالفها من ميليشيات، اصطفافٌ ارتقى إلى درجة التدخل السياسي المرفوض من قوى ليبية ودولية كثيرة.

وصل أردوغان إلى تونس والتقى نظيره التونسي قيس سعيد، وكان مصحوبا بوزير الخارجية ووزير الدفاع ورئيس جهاز المخابرات ما يسحب من الزيارة كل ملمح اقتصادي، وما يؤكد أنها زيارة مستعجلة خُصصت لتعزيز الحضور التركي في ليبيا ولدعم الطرف الميليشياوي في ليبيا.


في السياق العام جاءت الزيارة بعد سلسلة من الأحداث الليبية، ثم اتفاقية ترسيم الحدود التركية الليبية، الموقعة بين الحكومة التركية وحكومة السراج في 27 نوفمبر الماضي، وانطلاق عملية الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر لتحرير طرابلس من الميليشيات يوم 4 ديسمبر الجاري، ثم اعتراف فايز السراج بعزلته السياسية بقوله: «إن حكومته لم يكن لها بديل سوى طلب المساعدة العسكرية من تركيا».


تضافرت هذه المقدمات لتضفي على زيارة أردوغان إلى تونس خطورة بالغة لا تقتصر على الميادين الليبية، بل تمتد أيضا إلى تونس، باعتبار عوامل الجوار وتداخل العلاقات بين الجماعات الإرهابية في البلدين.

لا يمكن فهم التركيز التركي على ليبيا خارج سياقات الأيديولوجيا الإخوانية، والمطامح التركية العثمانية، وهي مطامح استراتيجية مخضبة بتفسيرات تاريخية ماضوية، والواضح أن تركيا دشنت مرحلة أكثر وضوحا في عبثها بالملف الليبي، خاصة بعد تصريحات أردوغان الخميس مباشرة بعد عودته من تونس: «إنه من المتوقع أن نمرر تفويض إرسال جنود إلى ليبيا من البرلمان في 8 أو 9 يناير لكي نلبي دعوة حكومة الوفاق الوطنية الليبية»، وأضاف: «قررنا مع تونس إقامة تعاون من أجل تقديم الدعم السياسي للحكومة الشرعية في ليبيا»، وهذا القرار الأخير اختفى من التصريحات الرسمية التونسية التي تناولت الزيارة، وبررتها بالآفاق الاقتصادية المشتركة فقط.

جاء أردوغان مسرعا لنجدة السراج، وماضيا نحو تحقيق طموحات محوره الإخواني، وحالما بثروات ليبيا ومواردها، وكان قيس سعيّد مرتبكا سياسيا ومتعلثما دبلوماسيا، ما ينبئ بتعقد الأزمة الليبية التي سيحولها أردوغان إلى حرب متواصلة، سيصل دخانها حتما إلى تونس والجوار.