الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

أحلام أردوغان في ليبيا

أسئلة مهمة حول الدور المتصاعد للرئيس التركي رجب طيب أردوغان تُطرح في كل أزمة عربية وعالمية، فخلال فترة قصيرة أصبح جزءاً من الأزمة الخليجية والسورية والليبية والإيرانية، وبشكل مختصر أصبح جزءاً من كل مشكلة في المنطقة وخارجها حتى المشكلات بين روسيا وأمريكا، وهذا التشعب لا يوحي بأنه يفكر سياسياً بل يفكر بطريقة غريبة تذهب به إلى طموحات سياسية حالمة، وقد قال عنه وزير خارجية فرنسا السابق – برنارد كوشنير- في شهر مايو من عام 2010: «رجب طيب أردوغان رجل عنيف ودموي».

أعتقد أن هذا الوصف هو التفسير الوحيد الذي من الممكن أن نعتمد عليه في محاولة لفهم ذلك السلوك الذي يتمتع به الرئيس التركي، الذي يحاول بخياله السياسي غير الواقعي أن يعيد تلك الحقبة من الخلافة العثمانية، والتي انتهت بتاريخ مثقل بالجفاء والخصومة، فيما يحاول أردوغان استعادة ذلك المجد الغابر، بينما نحن العرب نتقبل حقيقة اندثار العثمانية ونؤمن بذلك لأن ما خلفته لنا لم يكن سوى التدهور في مجتمعاتنا العربية، بل إن الجزء الأكبر من أزماتنا تقف خلفه تلك الخلافة التوسعية الدكتاتورية.

إن السؤال المهم هنا هو لماذا يعود أردوغان إلى التدخل في ليبيا بعدما باعها أجداده للإيطاليين مقابل جزيرة نائية في بحر إيجه؟

إن التاريخ العربي يقف بوجه مكفهر وعابس أمام كل مرحلة تاريخية تتواجد فيها تركيا العثمانية واليوم تركيا أردوغان، ونحن في الحقيقة لا نعلم هل تركيا الشعب تفكر بطريقة رئيسها المتخيل الحالم، أم أن التجربة العثمانية قد لقنتهم الدرس المناسب لكيفية السير عبر طرقات التاريخ.

ماذا يريد أردوغان من ليبيا ولماذا يريد التدخل العسكري فيها؟، هذا السؤال لا يشبهه سوى أن أردوغان صار يحلم بعودة النفوذ العثماني ولكن بطريقة غير منطقية، وعلى الجانب الآخر من هذا السؤال يمكن التفكير فيه أيضاً حيث إن الغرب يريد أن يشغل تركيا بمشكلاتها مع أوروبا عبر استغلال رئيس فاشل لمهمة سيئة هدفها تشتيت البوصلة التركية من الشمال إلى الجنوب.

هي أسئلة كثيرة تطرح حول متناقضات هذا الرئيس الذي يجمع في جعبته تناقضات المنطقة بأكملها، ولكن الكلمة الأخيرة تقول إن التاريخ علمنا من تجربة ليست ببعيدة بل من تجربة عثمانية، أن التوسع في التدخلات خارج الحدود هو البداية للفشل على المستوى المحلي.