الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الأردني واتفاقية الغاز الإسرائيلي

لا يزال الشارع الأردني يرفض وبشدة قبول صفقة الغاز التي عقدتها الحكومة مع «إسرائيل»، فهذه الاتفاقية والتي تتضمن تصدير الغاز الإسرئيلي المستخرج من الساحل الفلسطيني إلى الأردن، قد جرت بشكل سري بين الطرفين ولم يطّلع عليها أحد في الساحة الأردنية، حيث تطالب جهات كثيرة في الأردن بإلغاء الصفقة والانسحاب منها والإفصاح عن نصها وإطلاع الجميع عليها، لقناعتها أنّه غاز «مسروق» من الساحل الفلسطيني.

في حين تدافع الحكومة الأردنية عن ذلك بالقول أنّه مستخرج من مناطق دولية وأنّ الاتفاق تم مع شركة أمريكية تشرف على استخراجه، أما الجانب الإسرائيلي فهو مجرد ناقل له، وهذا الكلام بالطبع غير مقنع ومرفوض من الشارع الأردني، وقد أعلنت الحكومة عن الشرط الجزائي المترتب على الانسحاب من الاتفاقية والبالغ ( 1,5 مليار دولار).

وتسود حالة من التوتر والتوجس لدى جميع الأطراف حول هذا الموضوع، فالجانب الإسرائيلي متخوف من عدم نجاح الصفقة، حيث لا يأمن حصول أي اعتداء على خطوط الأنابيب أو أن تتم مقاطعة الغاز شعبيا، والجانب الأردني يخشى من أن يكون قد أقدم على مغامرة غير محسوبة وليس من السهل تمريرها أوتسويقها وربما تؤلب عليه الشارع المحتقن أصلا.


والجانب الشعبي يرفض إتمام الصفقة لاعتبارات كثيرة عنده أهمها: أنّها تجري مع «العدو الإسرائيلي» المحتل لفلسطين ولأراض عربية أخرى، ولا يتقبل لا دينيا ولا سياسيا ولا أدبيا ولا نفسيا أن يتعاطى مع«إسرائيل»، أو أن يتعامل معها في أي جانب من الجوانب، ولعدم ثقته بها خصوصا وأنّها تملك سجلا حافلا في الخداع والتنصل من الاتفافيات وتجاوز القوانين وغيره، ولا يستسيغ أبدا فكرة أن يطهو كل بيت أردني طعامه على الغاز الإسرائيلي، إضافة إلى تخوفه الشديد من أن يصبح تحت رحمتها، خاصة في مجالات حياته الرئيسية، وهو مقتنع أنّه إذا حصل هذا فسيكون قد سلّم نفسه ووطنه لمن لا يُؤمن جانبه، خاصة وأنّ«إسرائيل» تفصح أحيانا عن أطماع لها في الأردن.


والشاهد في الأمر أنّ «إسرائيل» تريد اختبار الشارع الأردني بهذا الاتفاق، فإن تم ذلك فسيكون مؤشر نجاح على قدرتها على النفاذ لساحته ولساحات عربية أخرى وسيشجع على ما بعده، وإن فشل فإنّه قد يكون نقطة تحول كبرى في مخططاتها تجاهه وفي رفضه الشعبي لها كذلك.