السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

العراق.. الفراغ القاتل

تسمية مرشحٍ لرئاسة الوزراء في العراق تراوح مكانها، في ظل التصلب الذي تبديه كل الأطراف وتشبثها بمواقفها، الأمر الذي ينذر بفراغ سياسي قد يولد إشكالات تفرض نفسها على الإقليم كله وليس على العراق فقط، خاصة فيما يتعلق بعودة تنظيم داعش الإرهابي إلى العمل في الأراضي العراقية، وإن كانت هجماته ما زالت حتى الآن أقرب إلى حرب العصابات منها إلى التنظيم العسكري.

إن الفراغ عدو الاستقرار والأمن، وهو البيئة المثالية التي تتيح للتنظيمات الإرهابية الفرصة السانحة لعودة نشاطها، أو خروج تنظيمات جديدة كانت تتحين الوقت المناسب لتعلن عن شرورها وإجرامها، لذا فإن ما يجري في العراق من تجاذبات سياسية واحتجاجات شعبية يبدو أمراً مقلقاً، إذا ما بقيت الأمور على حالها، وبقي الجميع ينظر إلى مكاسب سياسية آنية، بعيداً عن مصالح الدولة وأمنها.

مخطئ من يعتقد أن تنظيم داعش الإرهابي لا يفكر في استغلال الفراغ الذي يعيشه العراق، وانشغال القيادة السياسية بما يجري في الشارع، وفي أروقة الكتل النيابية الباحثة عن فرض مرشحيها لتولي رئاسة الحكومة، وقد نشرت صحيفة صنداي تايمز تقريراً قالت فيه: «إن داعش لا يعيد تنظيم نفسه، ولكنه عاد»، حيث أشار التقرير إلى سلسلة من الهجمات التي نفذها مقاتلو التنظيم شمالي العراق.


ما تشهده المنطقة اليوم من أجواء مشحونة وتوتر متصاعد، لا يحتاج إلا إلى إشعال فتيل برميل البارود، وما يحدث في العراق الآن لا يمكن التعامل معه كشأن عراقي داخلي، بل قضية إقليمية ودولية رئيسة، فعدم استقرار العراق يعني عودة الحرب على الإرهاب إلى مربع الصفر، ويعني إضافة مشكلة جديدة إلى مشاكل المنطقة، وفتح الباب على مصراعيه للعب أطراف إقليمية بمصير الإقليم، من خلال استباحة الساحة العراقية لتنفيذ أجندات وإرسال رسائل لهذا الطرف أو ذاك.


إن المجتمع الدولي مطالب بممارسة ضغوط حقيقية لوقف التدخلات الخارجية في العراق، ودعم الجهود الرامية إلى التوافق على ترشيح شخصية وطنية تسير به نحو إصلاح سياسي واقتصادي فعلي، بعيداً عن الولاءات الخارجية.

وباختصار، ما يحدث في العراق مخاض عسير، فالفراغ سيولد فراغاً أمنياً وعسكرياً يشجع داعش على النهوض مرة أخرى، ليعيث فساداً يمتد ليشمل العالم أجمع، والعبرة في التاريخ الذي شهد عودة العديد من التنظيمات وبشكل أكثر شدة وإجراماً.