الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

الحكومة التركية وأزماتها حول ليبيا

بالرغم من أن حكومة السراج تعلن أنها لا تطلب من الجيش التركي القتال بالنيابة عن الليبيين، وأن هدفها من طلب المساعدة العسكرية التركية هو إحداث توازن قوى في ظل تدخل دولي متعدد وكبير، إلا أن الحكومة التركية قلقة من إرسال قواتها إلى ليبيا دون تأمين غطاء شعبي وبرلماني، لقلقها من مسارات الصراع العسكري في ليبيا في الأشهر المقبلة.

ومهما كانت مكاسب الجانب الاقتصادي التركي في ليبيا فإن الحكومة التركية لن تجازف بمواجهة الشعب التركي فيما لو وقع قتلى من الجنود الأتراك في ليبيا، فالشعار العام الذي رفعه زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض: «ما شأننا وليبيا؟»، وهو يعارض السلوك السياسي للرئاسة التركية فكيف إذا تحولت الساحة التركية إلى ساحة قتال وقتْل للجنود الأتراك فيها؟

وبينما قام وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو هذه الأيام بلقاء قادة أحزاب المعارضة التركية، فإن الهدف الأول هو تأمين التصويت البرلماني لإرسال القوات المزمع عقده في الساعات المقبلة، ولكن ذلك يكشف عن خوف حزب العدالة والتنمية الحاكم من مواجهة حادة مع نواب المعارضة، قد تؤول إلى رفض شعبي أكبر.


إن الحكومة التركية تحاول ضمان أكبر تأييد على المستوى البرلماني والشعبي قبل التصويت وبعده، وبالأخص لوضع خطة تخفف من وطأة النتائج المرعبة المحتملة في الأحوال السيئة، فالحكومة أخذت ضمانات أمريكية وروسية وإيرانية قبل إرسال قواتها إلى سوريا، بعدم تعرضها لهجمات مدعومة من تلك الدول، ولكن ذلك لم يتحقق في ليبيا، وهذا مبعث قلق الرئاسة التركية من العواقب والنتائج العكسية.


إن سعي الحكومة لموقف موحد مع أحزاب المعارضة لتمرير المذكرة مؤشر لافت، فقلما تسعى الحكومة لاستجداء موقف المعارضة لجانبها، وهذا لن يتم بسهولة، لأن أحزاب المعارضة التركية تملك رؤيتها الخاصة من العلاقة مع الحزب الحاكم أولاً، ومن الوضع الليبي بخاصة والعربي بعامة، وإذ تشعر المعارضة بحاجة الحزب الحاكم إليها فإنها ستفاوض الحكومة على أمور أخرى، فحزب المعارضة الأكبر هو حزب الشعب الجمهوري لديه قنوات اتصال مع أمريكا والدول الأوروبية، ولن يحدد مواقفه على التفاهمات الداخلية فقط، وهو ما دفع الحزب المحالف للحكومة «حزب الحركة القومية» بزعامة دولت بهشلي لإعلان موقفه مسبقاً، وتأييده إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، وبين يديه 49 نائباً لصالح مذكرة تفويض الحكومة، وكأن بهشلي يقطع الطريق على استغلال كلجدار أوغلو للحزب الحاكم.