بضعة أيام انصرمت من العام الميلادي الجديد 2020، ويبدو من بداياته أنه عام ساخن، ولهذا فإن علامة الاستفهام الجوهرية الواجب طرحها: «هل نحن مستعدون لملاقاة المستقبل»؟.
لكن من نحن، هل العالم العربي، أم الغرب الأوروبي أو الأمريكي، وربما الشعوب الآسيوية، وقد ينسحب السؤال وهو كذلك بالفعل على الخليقة برمتها لا سيما في زمن العولمة الذي يكاد يتوارى ويظهر من وراءه عالم آخر؟
الشاهد أن هناك مخاطر عولمية إن جاز التعبير يمكن أن تشغل بال البشرية برمتها، وإن كان هذا لا يعني عدم وجود قضايا إقليمية ومحلية تهم جغرافياً وديموغرافياً كل قارة ودولة على حدة.
ليكن حديثنا هذه المرة على السياق الدولي، فهناك من المخاوف ما يستدعي أن تتشارك البشرية في ردعها وفي المقدمة منها التغيرات الإيكولوجية، أي تلك المرتبطة بالبيئة حول العالم، وما تتعرض له من هجمات يمكنها أن تجعل من الإنسان أثراً بعد عين على سطح الكوكب الأزرق.
على عتبات هذا العام على البشرية أن تنتبه لقضية تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، وتدهور البيئة، وكلها أمور مرتبطة ببعضها، وناتج إشكالياتها سيولد تغيرات ديموغرافية غير سلمية بالمرة، إذ سنشاهد هجرات غير شرعية، وصراعات على الموارد المائية والغذائية، وحروباً أهلية تعود بالبشرية إلى زمن الرعي والبداوة إن سلمت الكرة الأرضية من الانفجار المدوي.
ضمن التحديات التي تطل برأسها على العالم تلك الموصولة بالذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة والخامسة،والسؤال هل تلك الثورات وأدواتها التكنولوجية باتت في خدمة الإنسان، أم أنها تقوم بعلمية انزياح تاريخي للإنسان ليحل الروبوت مكانه، كما كنا نرى في أفلام الخيال العلمي؟
أحد أسئلة المستقبل المخيفة يخص الحروب الجديدة في بدايات العقد الثالث من القرن الـ21، إذ لم تعد الحروب كلاسيكية كما كانت حتى أواخر القرن الـ20، فالآن هناك على سبيل المثال الحروب السيبرانية والتي ربما تفوق خسائرها المواجهات التقليدية بالنار والبارود، فعلى سبيل المثال يمكن لهجمات كهرومغناطيسية من دولة أن تشل حياة دولة أخرى بالمرة إن استطاعت الوصول إلى أجهزة الحاسوب خاصتها، ولك أن تتخيل دولة من غير شبكة كهرباء أو مياه، أو دولة تتعطل فيها وسائل التواصل مع الطائرات في الجو، وخطوط السكك الحديدية في الأرض، وكيف يمكن أن يمضي المشهد الحياتي فيها.
ضمن المخاوف في العام الجديد، يبقى الإرهاب طاعون العصر، والذي يطور ويعدل من أدواته وآلياته يوماً تلو الآخر، وبات الشر المجاني اليوم عند الإرهابيين متجاوزاً للعمليات الإرهابية التقليدية، الأمر الذي يلقي تبعات على القائمين على المواجهة لابتكار حلول للمجابهة بصورة غير اعتيادية، أي ابتكار أفكار لمحاربة الشر الذي يعمل عبر العالم الافتراضي، وينشر دعواته فيه.
الوضع الاقتصادي العالمي بدوره يبدو مثيراً، والحديث الآن عن نظام بريتون وودز جديد، أي نظام اقتصادي مغاير لما عرفه العالم من بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الساعة، مع الأخذ في الاعتبار المخاوف من ركود وتضخم عالميين يؤثران على مسيرة البناء والنماء عالمياً.
على عتبات العام الجديد لا تبدو هناك ملامح أو معالم استقرار سياسي، فالتحركات الجيوبوليتيكية الظاهرة للعيان تشي بأن مولوداً جديداً يتخلق في رحم هذا العام، وربما تكون الولادة متعسرة مما يخلق مواجهات وحروباً.
السؤال الجوهري: «هل لدينا كبشر وكعرب قدرة استشرافية لملاقاة الغد»؟