الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أوروبا.. بركان الأزمة الليبية

حتى قبل خطوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإرسال قوات عسكرية تركية، ومرتزقة سوريين إلى ليبيا كانت المعضلة الليبية تؤرق مراكز القرار الأمني والسياسي الأوروبية.

فقد تحولت ليبيا منذ سقوط نظامها بعملية عسكرية دولية بقيادة فرنسا إلى عش دبابير تنطلق منه شرارات تهدد مباشرة الأمن الاستقرار الأوروبي.

فمن هجرة سرية تدفقت على أوروبا بشكل كثيف أنعش التيارات المتطرفة التي قد تعبّد الطريق للنزعات القومية للوصول إلى الحكم وتقويض المشروع الأوروبي الطموح، إلى التهديدات الإرهابية التي أصبحت كابوساً يومياً يزعزع القيم الأوروبية ويرغمها على مراجعة ثوابتها السياسة والأخلاقية.


اليوم وقد أماطت تركيا اللثام عن مشروعها التوسعي المهيمن بالتدخل العسكري في ليبيا، اهتزت فرائص هذه الدول الأوروبية من الخوف والفزع من أن تتحول ليبيا التي تبعد كيلومترات معدودة عن سواحلها الجنوبية إلى حلبة مواجهة عسكرية مفتوحة بين تركيا، وبيادقها في المنطقة ودول الجوار التي تخشى إنشاء بيت جديد للفوضى العارمة ومرتع آمن للمنظمات الإرهابية التي تمت صناعتها على الحدود السورية العراقية، وتطمع تركيا إلى نقل بقاياها وزرعها في المستنقع الليبي.


لقد حاولت دول الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها فرنسا وإيطاليا، خلق ظروف تفاهم سياسي وأمني بين مختلف الفرقاء الليبيين لبناء سلطة وطنية مركزية، لكن محاولتهما باءت بالفشل بسبب تضارب الأجندات الوطنية.

ففرنسا التي أسقطت نظام القذافي وتلعب دوراً عسكرياً مهماً في منطقة الساحل، وإيطاليا التي تملك قرباً ومصالح وإرثاً تاريخياً مع ليبيا فشلتا في إرساء أرضية تفاهم بين القوات المتنافسة على السلطة في ليبيا.

والآن مع هذا التحرك التركي تجد دول الاتحاد الأوروبي نفسها في وضع شديد الحساسية الأمنية والإحراج السياسي، فأصبحت تواجه نظاماً تركياً يبتزها بسوريا بورقتي الهجرة السرية والجهاديين الإرهابين، و يريد الآن إشعال حرب إقليمية في ليبيا قد تضرب موازين القوى والاستقرار في منطقة الساحل وشمال أفريقيا، وتضع السواحل الأوروبية على مرمى شرارات هذا الانفجار المرتقب.

لكل هذه الأسباب ولمحاولة إطفاء لهيب البركان الليبي سترغم أوروبا على تغيير مقاربتها في معالجة الملف الليبي كما يتوقع ذلك خلال مؤتمر برلين المقبل، كما سترغم على توضيح نوعية العلاقات التي تقيمها مع النظام التركي سواء بحكم علاقات الجوار، أم بحكم الروابط التي تؤطر علاقاتهما داخل المنظومة الأطلسية.