الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الأردن ودوّامة «صندوق النقد»

الأردن ودوّامة «صندوق النقد»

خالد الروسان

من المعروف أنّ صندوق النقد الدولي يعتبر من أهم المؤسسات الاقتصادية الدولية، حيث تستخدمه الدول الكبرى للتدخل في السياسات الاقتصادية لبقية دول العالم، وقد تصل به الأمور إلى رسم الخطة الاقتصادية لهذه الدول بنفسه والإشراف على تنفيذها وحتى إدارتها.

والغريب العجيب أنّ الدول التي رفضت التعامل مع وصفات صندوق النقد وقروض البنك الدوليين، نهضت وحققت قفزات اقتصادية كبيرة جدا، مثل البرازيل وماليزيا وغيرهما، فما السر وراء ذلك؟، إن الجواب حقيقة يكمن في سياسات هذا الصندوق، والتي تجعلك تابعا ومرهونا تدور في حلقات مفرغة، حيث دوّامة الاقتراض والدين والعجز والفشل وأزمات اقتصادية لا تنتهي ولا تتوقف، وهذا بالضبط ما تريده الدول الكبرى للتحكم بغيرها، لدرجة أنّ البعض وصفه بصندوق «النكد» الدولي وسياساته بوصفات «الخراب»!.

والأردن كبقية دول العالم الثالث يتعامل ومنذ فترة مع هذه المؤسسات الدولية، وبعد توصيات صندوق النقد له خلال كل هذه الفترات، عانى من أزمات اقتصادية خانقة، وما أن يصاب بواحدة حتى يدخل في الثانية، حيث زادت نسبة الفقر والبطالة والتضخم وتآكلت الطبقة الوسطة وتركزت الثورة في أيدي فئة قليلة من الناس، وزاد الفساد وحدثت تشوهات اقتصادية طالت معظم المجالات والقطاعات، وعانت الزراعة والصناعة والتجارة وغيرها من أزمات حقيقية، وقد تجاوزت ديونه اليوم ( 40 مليار دولار( مشكّلة ما نسبته ( 96.9 % ) من الناتج المحلي الإجمالي في حين بلغت ميزانيته لسنة 2019 (13.1 مليار دولار) تقريبا.


وحصل كل هذا، في حين وصفات صندوق النقد تعالج الأوضاع فيه منذ (30)عاما، وفي كل مرة تعقد فيها اتفاقية تصل الأوضاع إلى الأسوء، وهكذا في مسلسل لا نهاية له يقابله استسلام حكومي واضح؟، والمفارقة العجيبة هو أنّ الحكومة قبل الشارع تعلم هذه المأساة، والنتيجة النهائية لذلك هي: إبقاء الأردن في دوّامة من العجز والاستنزاف والفشل والأزمات وغيره.


وسواء أكانت الحكومة مرغمة خارجيا على تبني ذلك أم لا، فإنّها كما يقال أحضرت الدب إلى بستانها، حيث يدفع الأردنيون اليوم نتيجة إدارة هذا الصندوق لحياتهم الاقتصادية من خلف الكواليس وارتهان بلادهم له، أثمانا باهضة كانت على حساب حياتهم ومستقبل أجيالهم، مما يجعل الحكومة تبعا لذلك في حالة اصطدام دائم مع شارعها.