الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

حافة الهاوية، لعبة خاوية!!

ربما تبدو بداية العام الجديد ملتهبة بمقتل قاسم سليماني ومن معه على يد الولايات المتحدة، وينذر بالمواجهة بين مصر وتركيا في ليبيا، ولكني لا أرى في الأفق القريب أي التهاب او سخونة، اعتدنا على ذلك وألفنا التصعيد الذي ليس له ما بعده، وأصبح الأمر في منطقتنا مألوفا بالوصول إلى حافة الهاوية ثم العودة إلى نقطة الصفر.

وحتى ساعة الصفر التي أعلنها الجيش الوطني الليبي لدخول طرابلس لم تكن سوى عودة جديدة إلى نقطة الصفر، وما يسمى المجتمع الدولي الوهمي لا يريد أن يتخذ مواقف تتجاوز الإدانة والاستياء والشعور بالقلق والدعوة إلى ضبط النفس، فهذا المجتمع يربح أكثر من استمرار الأزمة أو الأزمات، ويخسر كثيرا إذا تحرك نحو الحل أو إذا سمح بحروب مباشرة ينهزم فيها طرف وينتصر فيها طرف، هو يريد الوضع هكذا، لا حل حاسما ولا حربا صريحة.

إن حسم الأوضاع الملتهبة في هذه المنطقة مرفوض من جانب المجتمع الدولي الوهمي، لأن مكاسب استمرار الصراعات كبيرة، واليد العربية ستظل ممدودة بالاستجداء لهذا المجتمع الدولي، أما الحسم بالحل السلمي أو الحرب المباشرة فيعني أن اليد الممدودة ستنقبض يأسا وسيدير العرب ظهورهم للمجتمع الدولي المزيف.


ولا يوجد منصف وواع ينكر أن تركيا وإيران هما السبب المباشر في اشتعال الأوضاع بالمنطقة وأن بينهما تحالفا شيطانيا ضد الأمة العربية، رغم الادعاء بأن تركيا سنية وإيران شيعية، فهذه الطائفية يتم تصديرها لنا نحن العرب ولا تعني شيئا لأنقرة وطهران.


والمأساة أن الدولتين لديهما تحالف واضح لا تخطئه العين مع اسرائيل، بينما أنصار إيران في الأمة العربية يقتلون العرب واخوانهم في الوطن وهم يهتفون: الله أكبر الموت لإسرائيل.. الموت لأمريكا.. الموت لليهود.. النصر للإسلام، فالإسلام أصبح قميص عثمان الذي يقتل به العربي العربي والعداء لإسرائيل أصبح مسوغا للاقتتال العربي العربي رغم أنه عداء وهمي لا وجود له.

والمأساة الأكبر أن العرب كفوا تماما عن المفاضلة بين الاحتلال والاستقلال وأصبحوا يفاضلون بين احتلال مسلم واحتلال غير مسلم، بين احتلال يرتدي النقاب والحجاب والجلباب واحتلال يرتدي الكاب، لذلك تلعب تركيا وإيران على العرب لعبة الإسلام الذي لم يعد يعني سوى طهران وأنقرة ولا إسلام بعيدا عنهما، فلا تغرنكم لعبة حافة الهاوية، فهي لعبة خاوية!.