الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

اغتيال سليماني.. سقوط الأساطير

تختلف عملية اغتيال الجنرال قاسم سليماني فجر يوم الجمعة في محيط مطار بغداد الدولي عن نظيراتها مثل: تصفية أسامة بن لادن سنة 2011 في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما ثم أبوبكر البغدادي وحمزة بن لادن سنة 2019، رغم أن قوات أمريكية قامت بالعمليات كلها، وكل حالة كانت بأمر مباشر من الرئيس.

إن الأمر يختلف كثيراً هذه المرة لأن بن لادن - الأب والابن - والبغدادي كان كل منهم ينتمي إلى تنظيم مارق، وجماعة بعينها تمارس التشدد والإرهاب، أما سليماني فإنه «جنرال» في الجيش الإيراني، يشغل منصباً رفيعاً، وهو على مقربة من المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، وباختصار فإن تهمة الإرهاب هنا تطال الدولة الإيرانية ذاتها، ومن ثم فإن المواجهة والمحاسبة كانت وستكون معها.

وإن اغتيال سليماني بهذه الطريقة وعلى هذا النحو من اليسر والسهولة، يسقط الكثير من الأساطير حول شخص سليماني والحرس الثوري، بل والدولة الإيرانية برمتها، في حين كان الوصول إلى أسامة بن لادن خلال 10 سنوات من المطاردة، وعجزت عن الوصول إليه في اللحظات الأخيرة عبر أكثر من عملية، وبالذهاب للبغدادي، فهو الآخر احتاج 5 سنوات، أما سليماني فاستغرق ساعات معدودة، وهذا يعنى أن الرجل كان مكشوفاً بالكامل للقوات الأمريكية وتحركاته مرصودة صوتاً وصورة.


تأخر إقلاع الطائرة دون طيار من دمشق نحو ساعة، وكانوا على علم، فعلموا مسبقاً بخط سيره، من مطار بغداد إلى السيارة التي ستقله، وحددوا هم المكان والزمان، هذا الانكشاف يعنى ضعف التأمين وأن الرجل كان مخترقاً بمن حوله.


إن الأمريكيين وصلوا إلى بن لادن والبغدادي عبر اختراق الدائرة المحيطة بكل منهما، وكذلك فعلوا مع صدام حسين.

وربما لا يكون في الأمر اختراق، ولعل هناك علاقات وصلات خفية بين الرجل بما يمثله وإحدى الدوائر الأمريكية، فمن المؤكد أن دور سليماني في العراق وسوريا لم يكن خفياً عن الأمريكيين، وربما بتنسيق معهم.

وما كان سليماني ليتحرك داخل العراق بهذه الأريحية وتلك الحرية دون ضوء أمريكي، ودون علم بكل التفاصيل، وهذا يعنى أن العملية بكل مسبباتها وتداعياتها، محكومة وهي أشبه بعملية «قرصة أذن» لرفيق تجاوز الحد قليلاً وعبر الخط الأحمر، وهذا يدعوننا إلى القول: إن الحديث عن ثأر هنا وانتقام هناك، جعجعة إعلامية لامتصاص ذهول الرأي العام الذي كان مأخوذاً بالأساطير حول قاسم سليماني.