الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تركيا بين أمريكا وروسيا

دفعت الزيارات المتبادلة والمكثفة بين الرئيس التركي أردوغان والرئيس الروسي بوتين، في السنوات القليلة الماضية، المحللين الروس إلى البحث عن مصداقية هذا التحول التركي في توثيق التعاون مع روسيا، وبالأخص بعد إرسال روسيا جيشها إلى سوريا في سبتمبر 2015، وأخذوا يحللون كيف تنظر روسيا إلى توثيق علاقتها مع تركيا، وهي دولة عضو في حلف الناتو أولاً، وما يتبعها من تحديات في استمرار العلاقات التركية ـ الأمريكية، ومن ذلك مقال تحليلي للدكتور إيفان ستارودوبتسيف، أحد أبرز الخبراء الروس في الشأن التركي والعلاقات التركية الروسية، تناول فيه رؤية الإعلام الروسي والمؤسسات الفكرية للعلاقات التركية الأمريكية من خلال رصد متابعتها لزيارة الرئيس أردوغان نوفمبر الماضي لواشنطن ولقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

بعض المحللين الروس يشككون في إمكانية تخلي تركيا عن علاقاتها الوثيقة مع الغرب وأمريكا، لأن تركيا جزء من الاتحاد الأوروبي أولاً، وهي حليف استراتيجي للولايات المتحدة ثانياً، فالاستراتيجية المعلنة للاتحاد الأوروبي هي عدم التخلي عن تركيا لأسباب جيوسياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية، ورؤية حلف الناتو لأهمية تركيا الأمنية لم تتغير كثيراً، وما أزمة شراء تركيا لمنظومة الصواريخ الدفاعية الروسية أس 400 إلا مثالاً بارزاً على أن حلف الناتو برئاسة أمريكا رفض تشغيل هذه المنظومة على الأراضي التركي لأسباب أمنية واستخباراتية.

وكما تسعى تركيا إلى رفع مستوى حجم التبادل التجاري مع روسيا إلى 100 مليار دولار، فإنها تسعى إلى رفعها إلى المستوى نفسه مع أمريكا أيضاً، كما جاء في المؤتمر الصحافي الأخير بين أردوغان وترامب، وقد أخطأت بعض التحليلات الروسية فهم هذه التطلعات للرئيس الأمريكي نحو تركيا، حيث ظنّت أن هذه الاستراتيجية عرض أمريكي لتركيا مقابل التخلي عن الصفقة الروسية، فلما نفت تركيا ذلك أدرك آخرون أن تركيا لا تزال تبذل قصارى جهدها لتطبيع العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة.


وما يتوقعه آخرون هو: أن تركيا تستخدم تعاونها المفيد مع روسيا كورقة ضغط على الاتحاد الأوروبي وأمريكا لإضعاف انتقاداتهما لتركيا، وبالأخص انتقاداتهما لسياسة حزب العدالة والتنمية ورئيسه أردوغان، فتركيا حليف استراتيجي للغرب منذ تأسيس الجمهورية، وعلاقات أتاتورك قبل أردوغان مع الاتحاد السوفيتي لم تبعده عن التقارب مع الغرب، وآخر استطلاعات الرأي في تركيا تشير إلى رغبة 60% من الشعب التركي في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فهذا يجعل السياسة التركية تستثمر التنافس الدولي بين الشرق والغرب بما يخدم مصالحها، والتحدي الأكبر أمامها هو فقدانها لثقة كلا الطرفين في ظل تناقضات سياستها معهم في سوريا والعراق وليبيا وإيران وغيرها.