الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

لبنان والعراق.. مظاهرات مستمرة

اشتدت مظاهرات الغضب والاحتجاج في مدن لبنان والعراق؛ وهي على هذا النحو منذ شهور في البلدين، ويبدو أن الوصول إلى حل ليس قريباً؛ رغم أن الأمور تنذر بمخاطر شديدة في كل بلد منهما؛ فلبنان على حافة تعطل مناحي الحياة؛ وتوقفت البنوك عن العمل، وتراجعت مطالب المتظاهرين من «كلن يعنى كلن» إلى المطالبة بتشكيل حكومة كفاءات بغض النظر عن الولاءات الطائفية والسياسية، ولم يتحقق - إلى الآن - ذلك الطلب.

وفى العراق أضيف إلى أسباب الغضب سبب آخر، هو أن البلد صار محط الصراع والقتال بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.

الأزمة في بغداد وبيروت تتعلق بالنخبة الحاكمة وبطانتها؛ وفى مثل هذه الحالات تكون بداية الحل في تراجع تلك النخبة أو إزاحتها؛ على الأقل للعناصر الأكثر فساداً بها؛ ثم يتقدم آخرون لبدء تجربة جديدة؛ هذا ما جرى ويجري فى كل بلاد الدنيا؛ وتحديداً في عالمنا العربي. وتتم عادة عملية الإزاحة تلك بتدخل عدد من مؤسسات الدولة أو إحداها؛ فيما يطلق عليه الدولة العميقة، ففي إيطاليا خلال تسعينات القرن الماضي كانت هناك نخبة فاسدة؛ فتدخلت المؤسسة القضائية عبر حركة أصحاب الياقات البيضاء وأزاحت تلك النخبة؛ وفى بلاد أخرى تكون الدعوة لإجراء انتخابات؛ تفرز وجوهاً جديدة أو تعيد الثقة في الوجوه القائمة؛ وفى عدد من بلادنا العربية تدخلت المؤسسة العسكرية بالانحياز لمطالب المتظاهرين، حدث ذلك في تونس سنة 2010؛ حيث أقنعت المؤسسة الأمنية والمؤسسة العسكرية الرئيس زين العابدين بالمغادرة، وفى مصر عامي 2011 و2013، وفى السودان والجزائر العام الماضي.


يحدث تدخل الشارع والمؤسسات لاقتناع تام بأن من أفسد أمراً ما لا يمكن أن يناط به الإصلاح، ذلك أن أول خطوة في الإصلاح تكون إبعاد من أفسد عن المشهد.


المشكلة في لبنان والعراق أن النخبة الحاكمة لا تريد أن تقدم أي تنازلات، ولا أن تعلي صالح الوطن والمجتمع؛ إنها تعمل لصالحها، وتحافظ على امتيازاتها، مراعية تواجدها في المشهد.. مدركة أن تباعدها عنه قد تعقبه محاكمات لعناصرها وربما توقيع عقوبات عليهم؛ وقد رأت ما جرى في عدد من بلادنا العربية؛ عمر البشير نموذجاً، رجال الرئيس بوتفليقه حالة أخرى.. وهكذا.

ولذا ما إن يشرعوا في أي خطوة للإصلاح استجابة لمطالب الشارع حتى تتضارب مع مصالحها وامتيازاتها فتتراجع.. الطريف أن النخبة في البلدين تعترف وتقر بكل ما ينادي به المتظاهرون؛ وهو تأكيد وجود الفساد.