الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

العراق وسطوة التطورات الجيوسياسية

على مدار ثلاثة أشهر من الاحتجاجات خرج مئات الآلاف من العراقيين للتنديد بالفساد والطائفية والمصالح الحزبية والتدخل الاجنبي، وللتعبير عن آمالهم في حياة أفضل، ومع انتهاء «مهلة الوطن» التي منحها الحراك لأجهزة الدولة من أجل تحقيق مطالبه، تجددت الاشتباكات الأحد الماضي، مما أدى لسقوط ستة قتلى في يوم واحد، لترتفع بذلك محصلة الحراك إلى نحو 600 قتيل ومئات المصابين.

ورغم أن الحراك الشعبي قد دفع الحكومة للاستقالة، إلا أن هذه الأخيرة لا تزال قائمة خلافا للدستور، ورغم أنه تم تعديل قانون الانتخابات جزئيا كما تم تغيير أمناء المفوضية المستقلة للانتخابات، إلا أن التغيير الحقيقي لم يحدث بعد.

إن العراق لا يزال بعيدا عن تشكيل حكومة مؤقتة من المستقلين تقوم بالإشراف على مراجعة وتعديل قانون الانتخابات تمهيدا لجولة مبكرة، يجري بعدها انتخاب حكومة وطنية قادرة على كسب ثقة الجماهير وقادرة على إعادة الاستقرار للبلاد.


وفي ظل غياب أفق حل سياسي واضح، يصعب التكهن بمستقبل العراق، ومع سطوة التطورات الجيوسياسية على المطالب المشروعة للشعب العراقي، تحول البلد إلى ساحة نزاع مفتوحة بين واشنطن وطهران عقب اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، في نمط جديد من الحروب بالوكالة.


فإذا كان مسموحا لطهران أن تمد نفوذها في العراق وتعبث بأوضاعه الأمنية والسياسية والثقافية والاقتصادية وأوضاع المنطقة، إلا أنه من غير المسموح لها أن تستخدم الأراضي العراقية للعدوان على المصالح الأمريكية والإسرائيلية دون أن تعاقب.

وفي المقابل، فإن إيران تعمل على استغلال الأحداث من أجل دفع القوات الأمريكية خارج العراق، وإذا كانت المحاولة الأولى قد تمت من خلال تصويت في البرلمان العراقي، فإنها لن تقف عند هذا الحد، وسوف تدفع ميليشياتها إلى شن هجمات على القوات الامريكية المنتشرة في البلد، أما الولايات المتحدة الأمريكية فترى أنها ليست مستعدة لكي تطرد من العراق، فيما يهدد رئيسها بفرض عقوبات لا مثيل لها على بغداد.

لقد تحول العراق، كما صنفته الأمم المتحدة إلى «دولة فاشلة»، تعم فيها الفوضى والإرهاب، وينتشر الفساد والخراب، وتعبث فيها أيادي القوى الخارجية، ولا حل إلا الضغط من أجل الاستجابة لمطالب المحتجين، واستعادة الوطن من قبضة الأحزاب الفاسدة وتحريره من التبعية، وتكريس الدولة المدنية والهوية الوطنية.