الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

مسلمو فرنسا.. وإشكاليّة المُحَاِور

يعيش مسلمو فرنسا هذه الأيام وضعًا صعباً على مستوى تشكيل الهيئات التمثيلية المحاورة للدولة الفرنسية، فجَّرتْه بشكل قوي إشكالية إدارة مسجد باريس، عندما تمَّ الكشف عن خليفة عميد المسجد دليل أبو بكر في شخص المحامي شمس الدين حافظ.

وقد ذهب البعض إلى حد وصف هذه العملية بالانقلاب الأبيض والسطو على السلطة في إحدى أبرز المؤسسات الدينية في فرنسا.

اشكالية مسجد باريس، واللغط السياسي والإعلامي الذي صاحبها يعكسان الصعوبات التي يواجهها مسلمو فرنسا في عملية التوصل إلى بناء هيئة تمثيلية تدافع عن مصالحهم، وتسمح بمباشرة حوار بناء مع الدولة الفرنسية على شاكلة الجالية اليهودية، التي نجحت في تكوين هيئة تمثيلية لها كلمة تسمع في الأوساط الحكومية والإعلامية الفرنسية.


جاء هذا الجدل ليسلط الضوء على الصعوبة التي تواجهها الدولة الفرنسية في ايجاد محاور لها يحظى بشرعية التمثيل، خصوصًا بعدما تبين حدود تجربة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية التي انتخبت الفرنسي من أصل مغربي محمد الموسوي رئيسا لها، وهذا المجلس مشلول الحركة بسبب صراعات داخلية بين مغاربة وجزائريين وأتراك.. كل يريد السيطرة على سياساته وتوظيفها لصالحه.


السلطات الفرنسية تواجه ـ منذ عدة سنوات ـــ تحديات كبيرة تخص بشكل مباشر الظروف المادية، التي تتيح لمسلمي فرنسا ممارسة طقوسهم الدينية في أحسن الأحوال، حيث تسببت صور صلاة الجمعة في الشوارع وقودًا لتنمية الحقد على الإسلام والمسلمين.

كما تواجه تحدِّ سياسي وأمني يطال قدرتها على احتضان وتشجيع خطاب ديني يتميز بالاعتدال والوسطية في مواجهة خطاب التطرف، الذي يستقطب شريحة من الشباب الفرنسي عبر شبكات التواصل الاجتماعي وأماكن عبادة تعيش على الهامش، ويجعلهم ينخرطون في مشاريع إرهابية تهدد الأمن العام وتشكل خطرًا قاتلًا على مبدأ التعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع الفرنسي.

وللوصول إلى هذا الهدف تنصح بعض الأوساط الإعلامية والسياسية الحكومة الفرنسية، بالعمل جاهدة على اقصاء كل الشخصيات التي يشتبه في إقامتها علاقات مشبوه مع تيارات دينية متطرفة، وذات أجندات سياسية.

وخير دليل على ذلك الضغط الذي يمارس منذ فترة على منظمة اتحاد مسلمي فرنسا، التي يشتبه في أنها الذراع الدعوي والديني لجماعة الإخوان المسلحين في فرنسا، ومتهمة بصب الزيت على نار الطائفية الدينية في بلد يفتخر بنموذج علمانيته.