الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أفكار للفرض لا للعرض

حتى كتابة هذه السطور لا أعلم ما هي خطة السلام في الشرق الأوسط، أو صفقة القرن كما نسميها، والتي قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه سيعلنها قريباً، وهدفنا من الكتابة هنا ليس التعليق أو تحليل بنود صفقة القرن، فهذه الخطة أو الصفقة أو غيرها العلم بها لا ينفع والجهل بها لا يضر.

هدفنا فقط أن نقول إن كل الأفكار والمبادرات والخطط والأطروحات والصفقات المتعلقة بقضايا العرب، هي للفرض وليست للعرض، للتنفيذ وليست للمناقشة، هي قرارات فوقية من قوى دولية لا رادَّ لها من جانب العرب، تماماً مثل قرار نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس.

وبالتأكيد ستكون هناك زوبعة، وجعجعة بلا طحن من التحليل والرفض والإدانة والاستنكار، لكن القافلة تسير والزوبعة ستهدأ وتزول فلا أحد ينتظر قول العرب أو فعلهم، وقضية فلسطين لم تعد قضية العرب الأولى ولا الأخيرة، بل لم تعد قضية الفلسطينيين أنفسهم والحديث عنها صار مجرد توقيع بالحضور، فقد صارت الحرب معلنة بين حكومة الضفة وحكومة غزة، وانتهى زمن فلسطين الموحدة الواحدة، والفريقان يرتديان القضية كقميص عثمان، وصفقة القرن سترسخ أمراً واقعاً فرضه العرب والفلسطينيون على أنفسهم، وستكون حماس الجزء الأصيل من صفقة القرن باستعدادها وإعدادها لتهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل، فالعرب والفلسطينيون هم الذين أنتجوا صفقة القرن، وهم الذين نقلوا السفارة الأمريكية إلى القدس، وهم الذين يتقاتلون بلا عقل ولا منطق في دول عربية كثيرة، وهم الذين يتسمون بالشراسة عندما تكون الحروب قبلية أو طائفية، أو من أجل جماعة أو مرشد أو بالوكالة عن قوى إقليمية أو دولية، ولا قبل لهم بالقتال إذا كان من أجل الوطن في حرب نظامية، وكل ما يتردد من هتافات وأغانٍ تسمى وطنية ليست سوى وطنية مدفوعة الأجر، فالعرب أكثر شعوب الأرض انتاجاً للأغاني الوطنية.


إن قطار التقسيم والطائفية والكذب والزيف ماضٍ بلا توقف، ويدهس في طريقه كل الحقائق وكل القضايا العربية، فلا معنى لتحليل وتفسير وشرح بنود صفقة القرن أو غيرها من أفكار، لأنها جميعاً أفكار للفرض وليست للعرض.