السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

معرض الكتاب.. وديمقراطية المعرفة

عرفت مصر «معرض الكتاب» طوال القرن الـ20، فقد كان هناك معرض يقام سنوياً في نهاية الصيف، تنظمه «غرفة الصناعة والتجارة»، باعتبار أن الكتاب صناعة وتجارة في المقام الأول؛ وقتها لم تكن في مصر وزارة الثقافة؛ ولم يكن لدى الدولة علاقة بالنشر، ولم تكن توجد دور نشر رسمية؛ وكانت معظم المؤسسات الثقافية وكل دور النشر أهلية ومملوكة لأفراد؛ من دار المعارف إلى الهلال والحلبي والخانجي والتجارية وغيرها؛ وقد توقف هذا المعرض سنة 1956 بسبب العدوان الثلاثي على مصر.

وفى يوميات العقاد نجد رسالة إليه من قارئ - أكتوبر 1961ــ يصف فيها معرض الكتاب بالإسكندرية؛ وهذا يعنى أن الفكرة لم تمت؛ ولكن الواضح أنها كانت جهوداً فردية ومحلية تماماً؛ على مستوى المدينة أو الحي؛ وتخص بعض المكتبات ودور النشر، وفى سنة 1969 تأسس معرض القاهرة الدولي للكتاب، حين كان د. ثروت عكاشة وزيراً للثقافة وكانت د. سهير القلماوى رئيسة للهيئة المصرية للكتاب.

ونعرف الآن أن فكرة «المعرض الدولي» خرجت من مكتب الرئيس جمال عبد الناصر بناء على اقتراح من أحد الناشرين، وكان هذا الناشر - إسلام شلبي ـ قد طلب موعداً مع الرئيس وأجيب لطلبه فتقدم بالاقتراح؛ وأياًّ كان الأمر، فإن المعرض تحوّل من يومها إلى احتفال رسمي، ترعاه الدولة وتقوم عليه؛ ويعقد سنوياًّ في الأسبوع الثالث من يناير، حيث تكون إجازات نصف العام بالمدارس والجامعات قد بدأت، وطلاب المدارس والجامعات هم الجمهور المستهدف أولاً، وبات معرضاً ليس لأهل العاصمة فقط وليس للمصريين وحدهم؛ بل صار معرضاً دولياً بحق؛ يمكن أن تجد فيه نشاط العقل والإبداع العربي من المحيط إلى الخليج، فضلاً عن الثقافات الأخرى.


وفى زمن الخصخصة طالب اتحاد الناشرين المصريين بأن تترك وزارة الثقافة المعرض، ويتولى الاتحاد إقامته؛ وتصدى لهذه الفكرة عدد من الكتاب والصحافيين، غير أن الاتحاد تراجع بعد أن قامت إحدى الدول العربية بتسليم المعرض لجمعية الناشرين، وفشلت فشلاً ذريعاً وعاد ثانية إلى الحكومة.


أهمية المعرض أنه يتيح كل الكتب والأفكار، فلا رقابة على الكتب ولا مصادرة للكتاب؛ الأمر كله متروك للقضاء وليس لجهة إدارية. ومن ثم يؤكد على ديمقراطية الثقافة والمعرفة؛ ودونها لا ديمقراطية سياسية.

جمهور المعرض الآن يقدر بالملايين، وصار يقام طوال العام في مختلف المدن المصرية؛ أكثر من 120 مدينة، وباتت كل عاصمة عربية بها معرض للكتاب يقام بانتظام سنوياً، وهذا يعني أن الكتاب بخير وحال الثقافة العربية أفضل.