الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

وعادت صفقة القرن مرة أخري

عادت صفقة القرن تطل مرة أخرى بعد أن توارت عدة شهور أمام أحداث أخرى سحبت الأضواء منها، وعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهو يقترب من أيامه الأخيرة في البيت الأبيض، يستجدي أصوات وأموال اليهود في أمريكا مع زيارة تحمل الكثير من المفاجآت يقوم بها نتنياهو لأمريكا لإتمام الصفقة.

لقد اختار ترامب هذا التوقيت لكي يعلن تفاصيل الصفقة، فهو يقف أمام مجلس الشيوخ في محاكمة تاريخية قد تكون سبباً في إدانته وعزله، وإذا لم تنجح المحاكمة في إخراجه من البيت الأبيض معزولاً، فإن الشهور التي تفصلنا عن الانتخابات الأمريكية تحتاج إلى دعم كبير من إسرائيل واليهود.

في سنوات حكمه قدم ترامب لليهود خدمات كثيرة، فكانت القدس هي الهدية الكبرى حين اعترفت بها أمريكا كعاصمة لإسرائيل، وانتقلت السفارة الأمريكية إليها، وقد ترتب على ذلك انتقال عدد من السفارات الأخرى إلي القدس.

وعلى جانب آخر قدم ترامب الهدية الثانية لإسرائيل وهي مرتفعات الجولان، أرض سورية محتلة في كل أعراف المؤسسات الدولية، ابتداء بقرارات الأمم المتحدة، أما الهدية الثالثة من ترامب لإسرائيل فهي الاعتراف بأن إسرائيل دولة يهودية.

إن كل هذه الإجراءات التي اتخذها ترامب سنوات حكمه، لم يقدمها رئيس أمريكي من قبل، وأمام الصمت العربي والتخاذل العالمي مرت كل هذه القرارات دون أن يوقفها أحد، ونجحت إسرائيل في الحصول على كل هذه المكاسب في صفقات سريعة.

إن كل هذه الأشياء كانت مقدمة لإنشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح، لا يسمح للفلسطينيين بالسيطرة على أي حدود، والخطة باختصار شديد تعطي إسرائيل حق الهيمنة الكاملة على كل شيء تحت شعار أمن إسرائيل.

وإن الشيء المؤكد أن حالة العالم العربي هي التي فتحت الأبواب أمام هذه الخطط المشبوهة، فنصف الدول العربية غارقة في أزماتها الداخلية ما بين الحروب الأهلية والتدخلات الأجنبية، وإذا بحثت الآن عن ترتيب القضية الفلسطينية في قائمة القضايا العربية، فإن هناك قضايا أهم، فبعض الدول العربية خارج السياق تماماً، فالعراق غارق في صراعاته بين أمريكا وإيران، والسنة والشيعة، وسوريا تعاني من الحرب الأهلية والقوات الأجنبية المقيمة على أراضيها، وأصبحت ليبيا الآن تخضع للاحتلال التركي، والمظاهرات تجتاح لبنان منذ عدة شهور، واليمن غارق في انقساماته ولكن الأخطر من ذلك كله أن أصحاب القضية يعيشون في حالة انقسام لا أحد يعرف متى تتوحد كلمتهم.

إن الموقف في العراق الآن يتصدر المشهد السياسي والعسكري والإنساني، وما يحدث في سوريا مسلسل من الدم لا أحد يعرف متى ينتهي، والبترول الليبي يجتمع حوله المغامرون من كل جانب، ولبنان يعيش مأساة اقتصادية رهيبة، أما غزة والسلطة الفلسطينية والمقاومة فقد غابت كل أدوارها أمام من يحكم ومن يتفاوض ومن يقاوم، والنتيجة واحدة!