السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الاستقرار العالمي في خطر

لا يمكن القول إن الوضع في العالم ليس بسيطاً ولا عادياً فحسب، بل إنه جاهز وموقوت للانفجار، ويصعب التنبؤ بتداعياته، ونحن نعيش الآن وسط عصر تاريخي طويل يميّزه الميل الموضوعي لتشكيل نظام عالمي جديد أكثر عدلاً لتبني الديموقراطية الحقيقية.

سوف يكون تشكيل هذا النظام مترافقاً مع حركة نضالية حقيقية بين أولئك الذين ظلّوا يتحكمون بكل قضايا كوكبنا عبر القرون، وبين المراكز العالمية الجديدة للقوى الاقتصادية وذات التأثير السياسي.

وبالطبع فإن الإنسانية تخسر الكثير من بروز الحقيقة القائمة، التي تفيد بأن الأوروبيين يواصلون التفكير بمنطق «الأمس»، وربما بمنطق ما قبل الأمس أيضاً على أمل استعادة السيطرة البائدة على العالم، وهم يتصرفون الآن بطريقة تنطوي على كم أكبر من الأنانية والعدوانية، لدرجة أصبح فيها الاستقرار الاستراتيجي العالمي في وضع مخيف بعد أن تعرض للانتهاك الخطير.


ومن بين 3 معاهدات مهمة تشكل حجر الزاوية في الاستقرار العالمي، تخلى الأمريكيون عن اثنتين أساسيتين منها هما: معاهدة «تحديد نشر الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية» ومعاهدة «تحديد انتشار الصواريخ النووية متوسطة المدى»، ثم ظهرت المعاهدة الثالثة، وهي معاهدة التراجع عن نشر الأسلحة الاستراتيجية (معاهدة ستارت) الموقعة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق عام1991 ودخلت حيز التنفيذ في 4 يوليو 1994، في طيّ النسيان.


وكانت الاقتراحات الروسية بتمديد العمل بالمعاهدة الأخيرة قد أُرسلت مسبقاً لشركائهم الأمريكيين لتمديدها، وحرص الرئيس الروسي بوتين على الإعلان عنها عدة مرات من دون أن يتلقى أي جواب عنها، بل إن الروس لاحظوا تحركاً في الاتجاه المضاد اتضح من خلال العمل على زيادة التوتر في الاستقرار الاستراتيجي العالمي، وأيضاً فيما يتعلق بنشر الأسلحة النووية، كما أن حلف «الناتو» يعمل على توسيع مدى نشاطاته العملياتية إلى الفضاء المادي والفضاء الافتراضي.

وتحاول روسيا الترويج لأجندة عالمية مقبولة على المستوى العالمي، تعتمد على الدور التنسيقي للأمم المتحدة من أجل تسوية الخلافات العالمية بالطرق السلمية، ما يعني انفتاحها على الحوارات الجدية المتعلقة بالمبادئ التي يقوم عليها النظام العالمي المستقر والمنشود.

ولم يقتصر الأمر على الانفتاح الروسي، بل تعداه إلى تقديم اقتراحات مهمة في هذا السبيل، ولقد أكد الرئيس فلاديمير بوتين من خلال رسالة موجهة إلى المجلس الفيدرالي الروسي في بداية العام الجاري، على الدور الخاص للدول النووية الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، في هذا المجال.