الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

قناة إسطنبول

ستشرع الحكومة التركية بحفر قناة أطلق عليها اسم «قناة إسطنبول»، وهي مجرى مائي موازي لمضيق البوسفور، وتمتد القناة في غرب البلاد لتربط البحر الأسود في الشمال ببحر مرمرة في الجنوب بطول 45 كيلومتراً، وعمق 25 متراً، ويبلغ عرضها نحو 400 متر، ويصل في إحدى النقاط إلى كيلومتر واحد، وبالرغم من وجود معارضة تركية داخلية حول مشروع القناة الجديدة، بادعاء مخاوف تأثيراتها على تربة مدينة إسطنبول في القسم الأوروبي، فتهديداتها البيئية بحسب الخبراء والباحثين لا تقل عن التهديدات الأمنية، إلا أن المخاوف الخارجية تثير مخاوف عسكرية أكثر.

إن خط المرور البحري الحالي بين البحر الأسود وبحر مرمرة عبر مضيق البوسفور إلى البحر المتوسط تحكمه اتفاقية مونترو لعام 1936، والتي لا تزال سارية المفعول وقد وقعتها تركيا في ظروف دولية مغايرة للظروف الراهنة، فإذا ما أتمت تركيا بناء قناة إسطنبول فإنها ستملك حق وضع قوانين مرور السفن فيها، وفي الغالب سوف تضع شروط تخفيف مرور السفن في قناة البوسفور بسبب اختلاف طولها وأوزانها، حيث زادت نسبة أوزان سفن البضائع التي تعبر البوسفور بنسبة 53 %، وأن معظم السفن العابرة للمضيق تنقل مواد مشتعلة وخطرة، وأن هذه السفن لديها حمولات ثقيلة وتجد صعوبة كبيرة في عبور الانحناءات الحادة الموجودة في المضيق، وبينما كان طول السفن التي تعبر مضيق البوسفور لا يتجاوز 150 متراً، أصبحت هناك سفن بطول 300 متر، بتكلفة تبلغ 25 مليار دولار.

إن المخاوف التي قد تثيرها بعض دول البحر الأسود وبالأخص روسيا الاتحادية أن تصبح لأمريكا والدول الغربية فرص أكبر لدخول البحر الأسود والإقامة فيه، حيث إن اتفاقية مونترو تسمح للسفن التابعة للدول المطلة على البحر الأسود بحرية المرور والوجود في حوض البحر الأسود، أما السفن التابعة لدول خارج حوض البحر الأسود فيسمح لها بالوجود لمدة لا تزيد على 21 يوماً.


فإذا ما اعتمدت الحكومة التركية قناة إسطنبول في المستقبل بديلاً لقناة البسفور، فإن ذلك قد ينهي حقوقاً حصرية لدول البحر الأسود أولاً، وسوف يمنح الدول الغربية حقوقاً أكبر ثانياً، ولا يتوقف الأمر على الحقوق الاقتصادية بل قد يعتبر مشجعاً لتحركات عسكرية أمريكية نحو البحر الأسود حيث إن تركيا عضو في حلف الناتو، وقد يحد من حرية حركة السفن العسكرية الأخرى، وهو ما جعل بعض الدول الأوروبية تحذر من مخاطرها.