الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الاتحاد الأوروبي.. وصفقة القرن

منذ إطلاق خطة صفقة القرن بقيت دول الاتحاد الأوروبي، على قارعة الطريق، تنظر بحذر كبير للأفكار التي تداولتها وسائل الإعلام الدولية حول هذه الوصفة السحرية، التي طبختها إدارة دونالد ترامب للتوصل إلى تفاهم بين الإسرائيليين والفلسطينيين فالثلاثي المهندس لهذه الخطة السفير ديفيد فريدمان والمحامي جازون كرنبلات والمستشار جاريد كوشنر لم يستشروا في أي مرحلة من مراحل صياغة هذه الخطة دول الاتحاد الأوروبي، لدرجة أنه عندما كانت تسأل أي قيادة دبلوماسية أوروبية للتعليق على مجريات هذه الصفقة، كان الجواب دائماً بالصمت المطبق، أو القول إنه لا يمكن التعليق على مشروع نجهل كنهه ونقرأ شظايا تفاصيله الغامضة في الإعلام.

في غضون ذلك جاء قرار الرئيس دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ليحرج دول الاتحاد الأوروبي التي رفضت المشي على خطى البيت الأبيض، وذكرت بالقوانين الدولية التي تدير هذه القضايا العالقة مثل وضع القدس الخاص.

وكان من الطبيعي أن تلتقط هذه العواصم المنعطف الأمريكي تجاه القدس كمؤشر لملامح صفقة القرن، التي ستكسر كل الحواجز، وتحاول أن تخلق وضعاً جديداً بتوازن قوى جديد يفرض على كل اللاعبين المعنيين بالنزاع الفلسطيني ــ الإسرائيلي أن يراجعوا مقاربتهم، سواء أكانوا من دول الجوار المباشر أم الدول العربية والأوروبية، التي جعلت من هذا النزاع مجالاً حيوياً لتحركاتها الدبلوماسية.


في مواقفها المعلنة أشاد معظم دول الاتحاد الأوروبي بجهود الرئيس ترامب للتوصل إلى حل سياسي لأزمة مستعصية منذ عقود طويلة، لكن في نفس الوقت تذكر هذه الدول: أن الحل النهائي يجب أن يكون على أساس حل الدولتين متناغماً مع ما تقتضيه قرارات الشرعية الدولية، التي تأخذ بعين الاعتبار تطلعات الشعبيين الإسرائيلي والفلسطيني.. العقيدة الأوربية في هذا المجال كانت دائماً تدافع باستماتة كبيرة عن ضرورة أن يوفر الأمن الشامل للإسرائيليين وأن يمنح الفلسطينيون حقوقهم الوطنية. اليوم هناك ترقب كبير للنشاط الدبلوماسي الأوروبي المقبل لمصاحبة عملية إنزال هذه الصفقة على أرض الواقع.. فهل ستتبنى هذه الدول دور المتفرج الذي لا يتدخل في عملية تحقيق مقتضيات صفقة القرن أم ستقوم بدور نشيط لمحاولة الحد من انتهاكات بنود هذه الصفقة للمواثيق الدولية، التي تدير هذه الأزمة منذ سنوات طويلة؟.