2020-02-01
من مفارقات الهجرة والمهاجر الأوروبية، أن العرب المحافظين (بغالبيتهم المسلمة بشيعتهم وسنتهم)، ينتخبون الأحزاب الليبرالية عادة، تلك الأحزاب التي تهتم بالبيئة والكوكب الأخضر، أو تنادي بحقوق المثليين جنسياً والعلاقات المفتوحة وحقوق النساء.. كل هذا لا يقرأه هؤلاء الناخبون الجدد في برامج الانتخاب، لا يرونه أصلاً، هم يرون في تلك الأحزاب قوانين أكثر انفتاحاً في المساعدات المالية، يرون فيها حقوق إنسان أكثر من غيرهم يهربون إليها ويلجؤون نحوها في أزماتهم الكثيرة.
هم أنفسهم، بغالبيتهم، لا يهتمون بالبيئة، ويحتقرون المثليين (ويؤمنون بقتلهم حسب فهمهم للشريعة)، ويضطهدون نساءهم ويقمعون بناتهم.
الشيعي والسني والمسيحي والماروني والعربي والكردي والإسماعيلي والكلداني والآشوري، ولك أن تعد ما شئت من هويات مشرقنا البائس، كلنا هنا «مندمجون» أمام القانون في حاضنة الدولة المدنية والعلمانية.. كلنا نلتقي باحترام مصطنع (ليس بالضرورة بود ومحبة)، أمام أي مطعم حمص وفلافل أو معجنات ومناقيش كحالة حنين ارتدادية، ولا يزال أكثرنا يحمل قبليته وجاهليته وتخلفه، لكن لا يعلنها إلا في بيته أمام شاشة نشرة الأخبار والمحطة العربية التي تكشف ميوله «الإقصائي» المريض.
في المواسم الانتخابية الأوروبية، أستمع باستمتاع وطرافة لأحاديث من أعرفهم من عالمنا العربي المحافظ والورع، وهم يتداولون أسماء مرشحي الأحزاب الليبرالية والاجتماعية، مشددين على ضرورة التصويت لهم، لأسباب محصورة في المنافع المالية أو القانونية لو نجحت تلك الأحزاب في السلطة والتشريع، وحين أجادلهم بأن تلك الأحزاب تنادي بكل ما يكفرون هم به، يكون الرد ببساطة «وما دخلنا بهم؟ هي بلادهم.. ونحن نبحث عن مصالحنا».
المصالح التي يتحدثون عنها ليست ضمن مفهوم ومنطق مصالح «الجماعة الواحدة في منظومة الدولة الواحدة».. فهذا مفهوم مدني رفيع المستوى، يهمله بعض المهاجرين لصالح أثقال من الأساطير والأحمال التي يحملونها معهم، وينتهون أمام نشرات الأخبار الدامية يتحلقون ويسبحون بالرزق العقيم، ويلعنون «الكفار» ومن والاهم، ويفشلون في كل مرة أن يكونوا مؤثرين حتى في الأوطان الجديدة، وفي سياق إنساني عام.
والفشل يكون أكثر تجلياً ووضوحاً، عندما يعجزون عن الانتماء إلى مجتمعاتهم الجديدة، التي تبلورت فيها مفاهيم الدولة والمواطنة.
المحزن هنا، أنهم تركوا أوطانهم وأهلهم وذكرياتهم محبطين بسبب عدم توافر مفاهيم المواطنة والمدنية هذه.. هاجروا لغيابها.. وغابوا عنها يوم وجدتهم تلك المفاهيم.. احتار أين أضع شفقتي حينها.. على تلك الأوطان الجديدة أم على المفصومين بلا وعي!
هم أنفسهم، بغالبيتهم، لا يهتمون بالبيئة، ويحتقرون المثليين (ويؤمنون بقتلهم حسب فهمهم للشريعة)، ويضطهدون نساءهم ويقمعون بناتهم.
الشيعي والسني والمسيحي والماروني والعربي والكردي والإسماعيلي والكلداني والآشوري، ولك أن تعد ما شئت من هويات مشرقنا البائس، كلنا هنا «مندمجون» أمام القانون في حاضنة الدولة المدنية والعلمانية.. كلنا نلتقي باحترام مصطنع (ليس بالضرورة بود ومحبة)، أمام أي مطعم حمص وفلافل أو معجنات ومناقيش كحالة حنين ارتدادية، ولا يزال أكثرنا يحمل قبليته وجاهليته وتخلفه، لكن لا يعلنها إلا في بيته أمام شاشة نشرة الأخبار والمحطة العربية التي تكشف ميوله «الإقصائي» المريض.
في المواسم الانتخابية الأوروبية، أستمع باستمتاع وطرافة لأحاديث من أعرفهم من عالمنا العربي المحافظ والورع، وهم يتداولون أسماء مرشحي الأحزاب الليبرالية والاجتماعية، مشددين على ضرورة التصويت لهم، لأسباب محصورة في المنافع المالية أو القانونية لو نجحت تلك الأحزاب في السلطة والتشريع، وحين أجادلهم بأن تلك الأحزاب تنادي بكل ما يكفرون هم به، يكون الرد ببساطة «وما دخلنا بهم؟ هي بلادهم.. ونحن نبحث عن مصالحنا».
المصالح التي يتحدثون عنها ليست ضمن مفهوم ومنطق مصالح «الجماعة الواحدة في منظومة الدولة الواحدة».. فهذا مفهوم مدني رفيع المستوى، يهمله بعض المهاجرين لصالح أثقال من الأساطير والأحمال التي يحملونها معهم، وينتهون أمام نشرات الأخبار الدامية يتحلقون ويسبحون بالرزق العقيم، ويلعنون «الكفار» ومن والاهم، ويفشلون في كل مرة أن يكونوا مؤثرين حتى في الأوطان الجديدة، وفي سياق إنساني عام.
والفشل يكون أكثر تجلياً ووضوحاً، عندما يعجزون عن الانتماء إلى مجتمعاتهم الجديدة، التي تبلورت فيها مفاهيم الدولة والمواطنة.
المحزن هنا، أنهم تركوا أوطانهم وأهلهم وذكرياتهم محبطين بسبب عدم توافر مفاهيم المواطنة والمدنية هذه.. هاجروا لغيابها.. وغابوا عنها يوم وجدتهم تلك المفاهيم.. احتار أين أضع شفقتي حينها.. على تلك الأوطان الجديدة أم على المفصومين بلا وعي!