الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

العراق.. صفقات التكليف الوزاري

فسّر كثير من المراقبين إعلان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر من مقر إقامته في إيران، تأييده السريع لتكليف وزير الاتصالات الأسبق محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة العراقية، ومن ثمّ قراره أيضاً بعودة أتباع التيار إلى ساحة التظاهر في بغداد، بأنه بداية خطة لإنهاء أكبر حركة احتجاجية واجهها الحكم في العراق منذ 17 عاماً، فضلاً عن وجود ملامح صفقة سياسية لا تخلو من ضغوط خارجية في صيغة التكليف الوزاري.

ذلك أنّ المكلَّف يكاد يخلو من الشروط التي اتفق عليها المحتجون، وأعلنوها في عموم ساحات التظاهر في بغداد وجنوب البلاد، والتي تنص على ألا يكون أي رئيس للحكومة المقبلة وزيراً أو نائباً سابقاً، وليس من العاملين في أي حلقة قيادية من حلقات الحكومات السابقة، التي يرى العراقيون أنها واجهات لعهد الفساد، لا سيما بعد أن كشفت لجنة النزاهة العراقية الأسبوع الماضي، أنه جرى هدر نصف تريليون دولار خلال زمن تلك الحكومات التي عمل فيها توفيق علاوي وزيراً في حكومتين منها، فضلاً عن عضويته النيابية لدورتين.

هناك اطمئنان لدى القوى السياسية من هذا التكليف، فالشخصية معروفة لهم وتعاملوا معها، وتدرك جيداً حدود التعاطي مع المسموح والمحرم في نظام الحكم القائم.


وهنا تختلف أولويات القوى الكبيرة التي تدعم تكليف توفيق علاوي عن أولويات الشعب في ساحات الانتفاضة، إذ تريد تلك القوى أن يلتزم المكلف بتنفيذ قرار البرلمان العراقي إثر اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني قرب مطار بغداد، بإخراج القوات الأجنبية من العراق، والمقصود هنا الأمريكان، وعدم المساس بالحشد الشعبي، وتنفيذ الاتفاقية الاستراتيجية مع الصين، كبديل لحجب النفوذ الأمريكي المستقبلي في العراق، وكباب خلفي للتعاون مع إيران المعاقَبَة أمريكياً، لتبقى مساحة التحرك المتاحة هي: الدعوات لمحاربة الفساد، التي باتت مدعوة من قبل جميع أقطاب الوسط السياسي.


أمّا الشعب الذي دفع، بحسب إحصاءات حكومية، 480 قتيلاً وآلاف الجرحى، فأولويته هي إقصاء النفوذ الإيراني الذي احتمت به قوى فاسدة، مع إعلان محاكمة القتلة الذين أراقوا دم المتظاهرين، ومحاسبة الفاسدين، وإلغاء دور الميليشيات في الحياة المدنية.

اتضح أن عدم الإعلان عن قيادة محددة لحركة الاحتجاج أعطى حماية ذاتية للشارع المنتفض من الاختراق والمساومة والصفقات التفاوضية، وهذا سر الاستمرارية الكفيل بمواجهة أي مشروع سياسي، تتفق عليه القوى في المنطقة الخضراء بعيداً عن خارطة الطريق ذات البنود العشرة.