الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الشعب الفلسطيني.. يكون أو لا يكون

منذ سنوات كانت اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين ولم تحقق شيئاً غير مجموعة من الشعارات التي انطلقت في ذلك الوقت ودخلت القضية الفلسطينية في ثلاجة الإهمال ثم النسيان، وبعدها كانت هناك مفاوضات أخرى ما بين القاهرة ومدريد وكامب ديفيد وسرعان ما لحقت بما كان قبلها.

حينها تصدّر الساحة زعيم حقيقي هو الراحل ياسر عرفات، ولكن الرجل تعرض لعملية اغتيال شاركت فيها أطراف كثيرة، ومع رحيله خسرت القضية الكثير من أنصارها على مستوى العالم، وبعد الرجل انقسم الفلسطينيون على أنفسهم ما بين حماس وفتح، وما بين أبومازن وهنية، وما بين غزة والسلطة الفلسطينية وتطورت حالة الانقسام، فبعد أن كانت تراشقاً بالكلام والحوار تحولت إلى معارك دامية سالت فيها دماء الشعب الفلسطيني.

لا بد من أن نعترف بأن الشعب الفلسطيني خسر الكثير بسبب القادة الذين اختلفوا على كل شيء بل وصلت المواجهات بين أنصار كل فريق منهم إلى صراع دموي جعل القضية تخسر كثيراً من أنصارها، فلم يكن غريباً أمام هذه الانقسامات والصراعات أن تكسب إسرائيل الكثير من الوقت، وأن تضيع آلاف الفرص على الشعب الفلسطيني في أن يقيم دولته وعاصمتها القدس.


لقد استطاع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال صفقة القرن التي طرحها أخيراً، أن يمنح إسرائيل كل عناصر القوة وأن يلقي بالقضية الفلسطينية في مفترق جديد من الضعف والاستسلام، أمام واقع جغرافي وسياسي جديد، ولقد كان ترامب على يقين وهو يدير شؤون العالم من أن القضية الفلسطينية لم تعد كما كانت أمام شعبها وأمام الشعوب العربية.


إننا اليوم أمام دول تفككت تماماً واستسلمت لهذا الواقع الكئيب، ومن هنا جاءت الفرصة لكي تفرض إسرائيل إرادتها على الجميع، وإن الشعب الفلسطيني صاحب القضية منقسم على نفسه في كل شيء ما بين أحلام الزعامات، وغياب الشفافية، والغموض الذي يحيط بكل الرموز التي تتصدر الساحة الفلسطينية، بل إن الخلافات بين الدول العربية أصبحت أكبر وأوسع من الخلافات مع إسرائيل وأمريكا، وقبل هذا كله فإن لكل دولة عربية مصالح مع أمريكا، بل إن إسرائيل تسللت الآن إلى أكثر من دولة عربية سواء في ظل السلام أو المصالحة أو الاتفاقيات السرية الغامضة.

إن الإدارة الأمريكية تسير بخطى سريعة في مشروع صفقة القرن لأنها لن تجد من يرفضها أو يعارضها إلا من خلال بيانات شجب أو إدانة، وكلها شعارات على ورق، فيما الجانب الفلسطيني الآن يهدد بعودة الانتفاضة.. فهل يمكن أن يستعيد الشعب الفلسطيني انتفاضته ويرفض صفقة القرن؟، وهل يمكن أن يجلس هنية مع أبومازن وتتوحد كلمة حماس وفتح والسلطة على قرار واحد؟

لقد عادت الكرة الآن إلى الساحة الفلسطينية، ولن يجد الشعب الفلسطيني من ينقذه من هذه المحنة أمام هذه العاصفة، لأنه إما أن يكون أو لا يكون، فليس هناك خيار آخر.