الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

عِبر كورونية

بقدر ما أثار وباء كورونا الذي استشرى في الصين ودول أخرى فزع العالم، إلا أنه بعث بعدد من الرسائل ذات المغزى السياسي والإنساني حول طبيعة العلاقات البشرية، وبروز المصالح الاقتصادية، حتى في أحلك الأوقات التي يواجه فيها الكوكب مخاطر ناتجة عن عبث البشر أنفسهم.

أثبت الفيروس مخاوف دول وشعوب الكرة الأرضية من انتشاره، وأن العالم قرية كونية صغيرة بالفعل في ظل وسائل النقل الحديثة، كما أكد أن الصين دولة قوية ومتماسكة على صعيد التناغم الشعبي والتحركات الرسمية في محاصرة المرض واتخاذ التدابير السريعة لمجابهته.

لم تضيع الصين وقتها مجدداً، فقد حطمت رقماً قياسياً جديداً تحت ضغط أزمة «كورونا»، حيث شيدت أكبر مستشفى لاستقبال المصابين بالفيروس في فترة قياسية تضاف إلى سجل إنجازاتها السريعة.


إن فيروس الخرافة واللعب بعواطف البسطاء واستغلال الدين كان حاضراً على الضفة الأخرى كذلك، حيث بدأت أحاديث الكهانة تردد أن كورونا عقاب إلهي، بينما تساءل البعض: لماذا يصبح العقاب الإلهي امتحاناً في حالات أخرى؟، ولماذا لم يحل هذا العقاب على دول أخرى في العالم سجلُّها أكثر قتامة خارج حدودها؟..


إن الصراعات الدولية كانت حاضرة في أزمة «كورونا» وخصوصاً في الشق الاقتصادي منها، حيث تحاول الصين التخفيف من آثار الفيروس المدمرة على اقتصادها، في الوقت الذي تستغل فيه دول أخرى هذه الأزمة لتحقيق مكاسب اقتصادية على قاعدة «مصائب قوم عند قوم فوائد».

ومن العبر البليغة التي يمكن التوقف عندها، نداءات الاستغاثة التي أطلقها الطلاب العرب في الصين لإجلائهم، وسرعة استجابة بعض الدول لهذا النداء، وانعدام أي ردة فعل من دول عربية أخرى ترزح تحت وطأة نوع آخر من أوبئة الصراعات والحروب.

نظرية المؤامرة لم تغب كذلك في أزمة «كورونا»، حيث تناقل الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي سيناريوهات عدة، أبرزها: أن الفيروس هو نتاج حرب بيولوجية خفية، أو أنه فيروس تسرب من معامل تم تصنيعه فيها لأغراض التجارب، وهو ما يقودنا لعبرة أخيرة يمكن استخلاصها من تداعيات هذا الوباء المخيف، وهي أن استمرار العبث بالطبيعة ومكوناتها له عواقب وخيمة للغاية شاهدنا آثارها الكارثية في حالات مماثلة سابقة، حيث اجتاحت فيروسات قاتلة مناطق عديدة من العالم نتيجة عبث من نوع ما، وتفاعل كارثي بين مكونات الطبيعة من صنع البشر أنفسهم!