الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

معضلات أوروبية في الشرق الأوسط

على خلفية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تُطرح على الدبلوماسية الأوروبية 3 تحديات مستعجلة، تتطلب منها مقاربة واضحة ومواقف حازمة إذا أرادت الاستمرار في إسماع صوتها عبر العالم، والحفاظ على قدرة التأثير على مجريات الأحداث، في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة الاستفراد بالقرار الدولي، ويحاول غريمها الروسي ملء الفراغات السياسة والعسكرية.

بالتسلسل التاريخي تبدو المعضلة الأولى إيران وملفها النووي الملتهب، مع الديناميكية التصعيدية التي تسببت فيها العلاقات الأمريكية الإيرانية، حيث يظهر جلياً أن دول الاتحاد الأوروبي استنفدت جميع الحلول الدبلوماسية والاقتصادية لمعالجة هذا الملف بإقناع طهران وواشنطن بالعودة إلى طاولة المفاوضات، ومنع النظام الإيراني من تحقيق تقدم نوعي على طريق حصوله على السلاح النووي، وباتت الدبلوماسية الأوروبية محشورة في الزاوية.. إما أن تلتحق مجبرة بنظام العقوبات الاقتصادية التي فرضها دونالد ترامب على النظام الإيراني أو تترك له مجال الحصول على سلاح تعتبره تهديداً حيوياً للأمن والاستقرار العالميين.

المعضلة الثانية، تحمل اسم تركيا ونظام أردوغان، من جار ثمين كان من المفترض أن يحمي مصالح الاتحاد الأوروبي بحكم الصفقات السخية التي انتزعها من بروكسيل، وحليف عسكري داخل المنظومة الأطلسية تحول إلى صديق لدود يرفع شعار الابتزاز كعنوان أساسي للأجندات السياسية، عن طريق كابوس الهجرة السرية أولًا، وعن طريق ورقة إرهابيي داعش ثانياً بتشجيع عودتهم خارج الإطارات القانونية المتفق عليها.


أردوغان يزيد من سماكة تهديده لدول الاتحاد الأوربي عبر تحالفات مشبوهة مع روسيا فلاديمير بوتين، التي تعمل أصلاً منذ زمن طويل على إضعاف الاتحاد الأوروبي في إطار منافستها الشمولية مع الولايات المتحدة.


المعضلة الثالثة تطال صفقة القرن التي كشفتها الإدارة الأمريكية، الرهان الأساسي الذي يؤرق الدبلوماسية الأوروبية، يطال المتوقع من هذا المشروع السياسي الذي يهدف إلى تغيير جذري لملامح الحل السياسي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

فأوروبا تتساءل اليوم: كيف الجمع بين علاقاتها السياسية والاستراتيجية المميزة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، والتمسك في الوقت نفسه بحق الفلسطينيين بدولتهم الوطنية وحقوقهم التاريخية؟

انطلاقاً من هذه الصعوبة لم نشهد في المواقف الأوروبية لا تصفيقاً حاراً ولا معارضة قوية، بل تحذيراً بعدم الانخراط في خطوات أحادية الجانب، والتمسك بما تقتضيه الشرعية الدولية.