الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

كورونا الجديد.. صيني أم ياباني؟

«صيني أم ياباني؟».. كثيراً ما تتردد على أسماعي هذه العبارة الشائعة، التي تكون مصحوبة في معظم الأحيان بالضحك والقهقهة ذات الصوت العالي وببعض الإيماءات المنطوقة الساخرة، وغالباً ما يسمعها الزوار أو المقيمون اليابانيون في منطقة الشرق الأوسط، وفي بعض البلدان العربية بشكل خاص، وهي تصدر عن قِلة من شبان ناقصي الثقافة والتعليم من مرتادي الشوارع.

ولا تقتصر نتائج هذه الإيماءات الساخرة التي يغمز بها البعض، على الجانب المزعج والتعبير عن النوايا غير البريئة، بل إنها تدل أيضاً على الافتقار المؤسف للمعارف المتعلقة بقارة آسيا وخاصة في شرقها.

وبات من الواضح تماماً من خلال هذه الغمزات والإيماءات غير المقبولة، أن معظم مرتادي الشوارع في العالم العربي نادراً ما ينجحون في التفريق بين الإنسان الصيني والكوري والياباني، وغالباً ما ينظرون إليهم جميعاً نظرة غريبة متشابهة بالرغم من أنه ينبغي على هؤلاء الشبان أن يعتادوا على التعايش مع ما يسمى «القرن الآسيوي» بعد أن أصبحت دول شرق آسيا ـ ومعها الولايات المتحدة ـ مركزاً جديداً لاستقطاب الاقتصاد العالمي في المحيط الهادئ.


والآن، أصبح هذا السؤال القديم المزعج «صيني أم ياباني؟»، يتخذ رنة جادة أكثر خطورة بسبب انتشار وتفشي فيروس كورونا في الصين.


وأنا أقوم الآن بزيارة إلى منطقة الشرق الأوسط، وفي كل مرة أدخل فيها إلى نقاط التفتيش في المطارات العربية أسمع همسات خافتة تأتي من عدة زوايا وأركان، يسألني مطلقوها أو يتساءلون فيما بينهم: (صيني أم ياباني؟)، وهذه المرة ليست آتية من شبان قليلي المعرفة، بل عن ضباط وخبراء تابعين لوزارة الداخلية.

وليس هناك ثمة من خطأ في تحديد جنسيات الناقلين المحتملين للفيروس، ومنعهم من نشره على نطاق أوسع، إلا أن ممارسة هذا السلوك مع شخص ما لمجرد أنه يبدو شبيهاً بالصينيين، هو أسلوب ينم عن التخلف وقصر النظر.

ولا شك في أن فيروس كورونا الجديد أصبح محور اهتمام العالم، ويجب التعامل معه بشكل جاد وصارم ومنظم في كل مكان، إلا أن ما ظهر بوضوح هو أعراض حمى نفسية اجتماعية عالمية عنوانها العريض هو التحامل على آسيا وتجاهلها، ولا يبدو لي أن العالم العربي تمكن من التخلص من عقدة ازدراء كل ما يتعلق بشرق آسيا.

وليس من المعروف حتى الآن ما إذا كان فيروس كورونا أكثر خطورة من الإنفلونزا التي تقتل عشرات الآلاف من البشر سنوياً عبر العالم.

ويبدو أن الطبيعة الغامضة للفيروس الجديد هي المصدر الحقيقي للخوف والرعب، وهذا يستدعي الإسراع في اكتشاف أسراره وألغازه، وهناك مبررات معقولة ومقبولة لرد فعل مبالغ فيه في هذه المراحل الأولية الحرجة من انتشار الداء، إلا أن على العالم أن يعود إلى حالته الطبيعية بمجرد توقف الفيروس عن الانتشار وتحديد أعراضه بدقة وتراجُع معدل الوفيات الناتج عن الإصابة به.