الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

«كورونا» ليس مشكلة صينية

يقول المهاتما غاندي: «إن الإنسان يصبح عظيماً تماماً بالقدر الذي يعمل فيه من أجل رعاية أخيه الإنسان»، فعندما تكون الإنسانية هي المتضرر، فإن الخوض في الاختلافات العرقية والدينية والصراعات السياسية والتجارية، يصبح عبثاً بالبشرية ومستقبلها، وقتلاً لكل معاني التعاون والتشارك والمبادئ السامية.

إن الصين تواجه اليوم بكل شجاعة فيروس كورونا، الفيروس الذي كان من الممكن أن يظهر في أي بقعة من بقاع الأرض، فالتاريخ حاضر والشواهد عديدة، على أن أي منطقة في العالم لم تسلم من انتشار الأوبئة والأسقام المميتة، التي حصدت أرواح ملايين البشر في الماضي، لذا فإن الصين اليوم تعتبر خط الدفاع الأول للعالم، لأن مواجهتها لهذا المرض وتغلبها عليه هما نصر للإنسان بغض النظر عن أي اختلافات أو خلافات.

بكين حشدت إمكاناتها وقدراتها الضخمة في مواجهة كورونا، وجندت الآلاف من الباحثين والأطباء وجهزت المختبرات ودخلت في سباق مع الزمن للتوصل إلى علاج لهذا المرض، كما تتعاون مع مختلف دول العالم وتتشارك معها المعلومات والبيانات، إضافة إلى حرصها على عدم خروج أي مصاب بالمرض من أراضيها، والسماح للعديد من الدول بالوصول إلى ووهان (بؤرة انتشار الفيروس) لإجلاء رعاياها.


إن البعض غرق في تحليل الجوانب الاقتصادية والضربة التي تلقاها «التنين الصيني» ونسب النمو والتراجع، وتأثيرات اشتداد الفيروس على إمدادات السلع الصينية، وإلقاء اللوم على الحكومة الصينية، فيما تناسى أن الأمر أكبر من هذه التفاصيل عندما يتعلق بسلامة البشرية وإنقاذ الأرواح والتكاتف معاً في سبيل صيانة النفس البشرية، بعيداً عن الصراعات والاختلافات.


فالعالم مطالب بالوقوف إلى جانب التنين، ودعم جهوده ورفدها بأي إمكانات أو قدرات علمية أو مستلزمات طبية يحتاج إليها، فالحرب مع الفيروس هي حرب بشرية وليست حرباً صينية فقط، فعندما يكون الموضوع سياسياً واقتصادياً، يكون من المفيد أحياناً أن تتبنى الدول سياسة النأي بالنفس عن الصراعات والمحاور، ولكن عندما تكون سلامة البشرية على المحك فلا نأي بالنفس ولا سياسة تعلو فوق سياسة التحالف والتعاون في سبيل إنقاذ البشر.

باختصار، التعامل مع فيروس كورونا بصفته مشكلة صينية، لا يعدو كونه قصور نظر وعدم شعور بالمسؤولية، ونوعاً من أنواع التعدي على البشرية وحرمة الإنسان.