الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

وماذا عن البديل؟

جاء رد الفعل العربي مندهشاً من «صفقة القرن»، رغم أن معظم ما جاءت بها ليس جديداً، فاعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل تم منذ أكثر من عام، وبالفعل جرى نقل السفارة الأمريكية وسفارات أخرى إلى هناك، وهذا يعني رفض الولايات المتحدة وإسرائيل أن تكون «القدس الشرقية» عاصمة لدولة فلسطين وهذا قديم أيضاً، فمن يتذكر مفاوضات «واي ريفر» بين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والإسرائيليين، برعاية الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، وقبل وصول جورج بوش الابن إلى البيت الأبيض، وقتها عُرضت على عرفات قرية «أبو ديس» لتكون عاصمة لدولة فلسطين بدلاً من القدس الشرقية.

وهكذا الحال بالنسبة لبقية بنود «مشروع السلام» الذي عرضه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا جديد فيه، سواء ما يتعلق بالمستوطنات في الضفة الغربية والارتباط بين الضفة وغزة.

إن الجديد - فقط - أن هذه الجوانب أُعلنت كلها مرة واحدة، وليس بالتجزئة كما يحدث في الواقع وعلى الأرض، والقضية ليست في تصور ترامب ومفهوم نتنياهو لأمن إسرائيل وحدودها، فنتنياهو سوف يسعى لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، ليس فقط لأسباب انتخابية كما يتصور بعضنا، لكن لأن تلك هي قناعته وذاك إيمانه.


إن الولايات المتحدة ملتزمة بضمان أمن إسرائيل وضمان تفوقها عسكرياً على المحيط العربي كله، والدول الكبرى في الأمم المتحدة لديها هذا الالتزام، وقبل عدة سنوات قليلة صرح كبير المستشارين العسكريين السوفييت لدى سوريا أثناء حرب أكتوبر على قناة روسيا اليوم، بأن الأوامر لديهم من موسكو كانت أن يقاتلوا إلى جوار إسرائيل، إذا سارت الحرب وتقدم الجيشان المصري والسوري نحو تهديد وجودها.


إن المسألة في التصور والمشروع البديل، وهنا أتحدث عن المشروع الوطني الفلسطيني بالحصول على دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، في ظل انقسام فلسطيني حاد بين فتح وحماس، وهو انقسام وصل حدود العداء الذي يفوق في بعض لحظاته العداء لإسرائيل، وهذا أحبط كثيراً المتعاطفين مع القضية الفلسطينية حول العالم.

وجاءت أحداث «الربيع العربي» منذ نهاية سنة 2010، لتجعل الهّم الوطني والمجتمعي لكل بلد بناء الديمقراطية الذي لا يعلو عليه أي شيء آخر، ولذا تراجعت القضية الفلسطينية في سلم الأولويات، وحدث أن تدخلت بعض الأطراف الفلسطينية في شؤون بعض الدول العربية، انطلاقاً من تصور أن قدسية القضية الفلسطينية يمنحهم الحق أن ينصبوا أنفسهم أوصياء على بعض الشعوب، فيحددون هم من يحكمها ويختارون أولوياتها السياسية والاستراتيجية، بما أدى إلى نتائج عكسية تجاه «القضية المركزية» ذاتها.