الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

البرهان.. الصدمة للخروج من الأزمة

يبدو أن نظرية الفوضى الخلاقة التي أطلقتها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس، باتت السائدة الآن في السودان، مثلما رأينا في تصرف عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، الذي يمارسها جهارا، فهي نظرية تؤمن بأن هذه الفوضى تخلق النظام من جديد، وكانت تبنتها أميركا لأغراض شتى، أهمها تغيير المسارات السياسية في الشرق الاوسط وتحويرها لتخدم بالدرجة الأولى حسب ما تم ترجمته راهنا في رؤية صفقة العصر كقضية السلام وأمن اسرائيل.

إذاً، لماذا أراد البرهان بإسم السودان فتح هذا الباب؟، وما الهدف من وراء ذلك؟، مع أنه كان بإمكانه إن أراد طرح القضية برمتها على العرب في جلسات جامعتهم، فهي القوة الأهم الممثلة للأمة العربية، أو هل يريد برهان اختراق الأمن الداخلي والوحدة الوطنية وإيجاد أزمات داخلية وإثارة اضطرابات وزيادة الفجوة بين الفرقاء؟، أم أنه إفتعال الصدمة من أجل الخروج من الأزمة؟

ولكن بالمقابل، أليس من حق السودان أن يمارس البراغماتية في علاقاته الخارجية، كما تمارسها معظم الدول من أجل السلام في المنطقة بشكل عام؟، لربما كان تقدير البرهان بأنها السانحة المناسبة لخروج السودان من عنق الزجاجة كقضية مفصلية لا مفر منها، لأن العلاقات الدولية مرهونة بآفاق منفتحة وبشراكات استراتيجية لأن العداوة ليست منهجاً للحلول الدولية اليوم.


من ناحية أخرى، أليس عدم وضوح الاستراتيجية والرؤية السودانية والفوضى وعدم الاستقرار في الفكر السياسي أمور تجلت فيما حدث؟، حيث تضاربت التصريحات، فبينما يؤكد وزير الإعلام بأن رئيس مجلس السيادة لم يخبر رئيس مجلس الوزراء بأمر لقاءه مع نتنياهو، فيما تؤكد مصادر مقربة من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بأنه كان على علم بعد أن أبلغه رئيس مجلس السيادة.


إن الذين يظنون أن الفوضى والصدمة تحل الأزمة وتخلق خريطة أكثر استقرارا، يحتاجون إلى توفير المقومات المناسبة حسب متطلبات أصحاب النظرية، وفي شق آخر لا أعتقد أن السودان أكثر طاعة وولاء لقضايا الآخرين، فيجب عليه التعاطي معها بواقعية المصالح المتبادلة.

وبإمكان الدولة السودانية الجديدة العودة بقوة للمثول على سطح السياسة العالمية كصانع قرار، ولكن بدون الاستراتيجية التي يتدرع بها قادته الجدد تجاه الآخرين كغطاء لأن ذلك يحدث ذلك، ولأن السودان المتماسك والموحد يعني ثقلًا استراتيجيًا واقتصاديًا وعسكريًا يضاف إلى النظام الإقليمي، مما يشكل محورًا يخدم قضايا المنطقة.