الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

أنقرة على خطى طهران

في حركة تعيد للأذهان تصرفات الحجاج الإيرانيين في المشاعر المقدسة خلال السنوات المنصرمة، ردد عشرات المعتمرين الأتراك قبل أيام هتافات سياسية أثناء أداء مناسك العمرة في مكة المكرمة.

ترك الأتراك الذين يعتقد أنهم على صلة بأجندة بلدهم السياسية سفارة إسرائيل في عاصمة بلدهم أنقرة، وجاؤوا لنصرة القدس في بيت الله الحرام، في مشهد مثير للشفقة ومشير لحالة الارتباك والتخبط في النظام التركي، الذي يتصدر قائمة المطبعين مع إسرائيل، ويتصدر كذلك قائمة المزايدين باسم القضية الفلسطينية إلى جانب النظام الإيراني، كتفاً بكتف.

في السنوات الأخيرة صعدت تركيا من سياستها المعادية للعرب، وكشرت عن أنيابها الأيديولوجية في مواجهة خصومها، واستثمرت الأزمات في تصدير خطاب دعائي خالٍ من المضامين والقيم الدبلوماسية المعهودة، ما يذكرنا بالمواقف الخارجية التي اشتهرت بها السياسة الإيرانية وجعلتها مضرب الأمثال في الانتهازية، وبيع الوهم للمخدوعين بشعاراتها البراقة التي تتناقض كلياً مع أفعالها على الأرض.


أنشأ النظام الإيراني جيشاً حمل اسم القدس، ولكن هذا الجيش المزعوم لم يقاتل يوماً في فلسطين، أو من أجلها، بل صدر الموت والعنف للدول المجاورة، وعمل على زعزعة أمن الدول العربية وفي نهاية المطاف لقي قائد هذا الجيش قاسم سليماني مصرعه في بغداد، في الوقت الذي كان يعد فيه لجولة دموية جديدة بحق المتظاهرين العراقيين الذين يتظاهرون سلمياً لتحرير بلدهم من الفساد والطائفية والتبعية السياسية، التي أفقرت بلدهم ودمرته لسنوات طويلة.


وغير بعيد من ذلك، عُرف عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان متاجرته بالقضايا العربية والإسلامية واستثماره لمشاعر الكثير من المخدوعين بشعاراته وخطوطه الحمراء.

فقد تخلى أردوغان عن حلفائه المحليين في سوريا، وترك مناطقهم تتساقط الواحدة تلو الأخرى على يد حلفائه الإقليميين، بل إنه لم يكتف بذلك، حيث أرسل المئات من السوريين للقتال في ليبيا كمرتزقة في سبيل المصالح التركية بدلاً من أن يقاتلوا من أجل قضاياهم وفي بلدهم.

تسير تركيا أردوغان بشكل حثيث على طريق ملالي طهران، وتشبه بدايات أردوغان في ملف السياسة الخارجية مآلات نظام الخميني، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تجاوزه إلى سعي أنقرة اليوم لتكرار تجربة طهران بعد ثورة الخميني في تصدير العنف، وتكوين الأذرع العسكرية وبيع الشعارات تارة باسم القدس، وأخرى باسم الإسلام، وثالثة باسم الخلافة المزعومة.