الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

فرنسا وتركيا.. إشكالية التفكك

عاشت العلاقات التركية - الفرنسية حقبة متشنجة، تبادل خلالها الطرفان اتهامات خطيرة على خلفية تناقض مصالحهما على مستوى الأزمات الإقليمية، بدأ بالأزمة السورية وصولاً للأزمة الليبية ومروراً بخلافات سياسة استراتيجية داخل المنظومة الأطلسية، أو صراعات اقتصادية شرق المتوسط. إن العلاقات بين أنقرة وباريس تحولت إلى سجال مستمر ونفور واضح المعالم، فالاتصالات بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتركي رجب طيب أردوغان أصبحت شبه منعدمة، إلا إذا استثنينا لقاءاتهما العابرة خلال بعض المنتديات الدولية.

وهذه هي المرة الأولى التي يوجه فيها ماكرون اتهامات مباشرة للنظام التركي بأنه يحاول العبث بأمن واستقرار المجتمع الفرنسي عن طريق ورقة الإسلام السياسي، وجاء ذلك خلال كشفه عن عدة إجراءات تهدف لتشجيع النزعة الانفصالية التي تنتاب بعض الأحياء الفرنسية، ومحاولة تفكيك الروابط الاجتماعية التي تربط بين مواطنيها تحت سقف الجمهورية، من خلال إماطة اللثام عن استراتيجية مكافحة التطرف الديني الذي استقطب شرائح مهمشة من الشباب الفرنسي، وعبد الطريق للأفكار متطرفة وعنيفة، وهيأ الأجواء للاعتداءات الإرهابية التي ضربت فرنسا.

إن أصابع اتهام فرنسية تقول إن النظام التركي يستعمل نفوذه على الجالية التركية المتواجدة في أوروبا عن طريق تدريس اللغة، وإدارة بعض المساجد، وإرسال بعض الأئمة، إنما يسعى إلى تصدير أجندته الإخوانية إلى هذه البلدان الأوروبية ومن بينها فرنسا، التي وصلت فيها خطورة هذه الاستراتيجية إلى حد تشجيع بعض المناطق على الانفصال الديني والقضائي، ومن ثم أطلق إيمانويل ماكرون هذه الجملة: «لا أريد قوانين تركية على التراب الفرنسي».


ومنذ خطاب إيمانويل ماكرون وإجراءاته لمحاربة التطرف الديني والانفصال في المجتمع الفرنسي، دخلت العلاقات التركية - الفرنسية من وجهة نظر بعض المراقبين في حقبة جديدة، يتقمص فيها الطيب أردوغان دور الرجل المخرب لثوابت الدولة الفرنسية، عبر تشجيع كل الخطوات التي يمكن أن تنسف أمنها الديني وتماسكها الاجتماعي.


وهذا ما فرض على ماكرون مسؤوليات جديدة للتصدي للاستراتيجية التركية العدوانية، وكما تزامن هذا مع توجيه السلطات الفرنسية اتهامات للنظام الروسي بقيادة فلاديمير بوتين بتهديد الديموقراطيات الغربية عبر العبث الخبيث بشبكات التواصل الاجتماعي.