الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

عندما تتخلى الدولة عن دورها

عندما برز الإسلام السياسي متمثلاً في جماعات الإسلام الراديكالي منتصف الثمانينات، تعاملت العديد من الدول معه بمزيج من الحذر والاحتواء، وتركت مساحات واسعة لتتمدد فيها هذه الحركات، بحيث يكون لها حضورها المؤثر في المجتمعات.

في الخليج تغلغلوا داخل نسيج التعليم والثقافة والإعلام، وفي مناطق محورية ومؤثرة اقتصادياً، وفي المغرب العربي نجحوا في طرح أنفسهم باعتبارهم التطبيق الإسلامي للتعددية والديموقراطية، وفي مصر طرحوا أنفسهم باعتبارهم بديل الدولة في العناية والرعاية للمحتاجين وهم كثر.

في بعض الدول تسببت حالة الخلاف السياسي بغياب الرؤية عند بعض الأنظمة، فلم تدرك خطورة تربية ثعبان في عقر الدار، وكان ذلك ظناً منهم أنهم بذلك يحاربون من اعتبروه عدواً لهم، أو ما اعتبروه تهديداً لمجتمعاتهم وما يعتقدون أنه الأصلح لاستمرارهم، لذلك كان القرار باحتواء عدو العدو اعتقاداً منهم بأنهم في مأمن، ولم يدركوا الخطر إلا بعد أن التف عليهم الثعبان محاولاً السيطرة، بل وشكل تهديداً حقيقياً لهذه الدول.


البعض الآخر من الأنظمة تخلى عن القيام بدوره المفترض لخدمة مواطنيه ودعم المحتاج منهم، فتركت الساحة لهذه الجماعات لتملأ هذا الفراغ الذي خلفته تلك الأنظمة، وفي نموذج الزلزال الذي ضرب القاهرة عام 1992 مثال حي على ذلك.


وزيادة على ما سبق، نجد أن غياب العناية الصحية المناسبة، وغلاء التعليم، والمعيشة، وغليان الجبهة الاجتماعية، كلها عوامل ساعدت هذه الجماعات على إرساء قواعد قوية وحقيقية لها بين الناس.

وعندما تخلت أيضاً عن دورها في تعيين الخريجين بدرجة ملحوظة، فقد ظهرت الشركات والبنوك الإسلامية التي لا تعين أقباطاً، وحذت حذوها مؤسسات يملكها مسيحيون، وأدى ذلك إلى نوع من العزلة والانكفاء لكل طائفة على نفسها.

ولعل تصاعد دور المؤسسات الدينية في العديد من الدول وقدرتها على تعبئة موارد مالية متعددة زاد من قدرتها على القيام بوظائف اجتماعية ورعائية، ما أدى إلى تديين الحياة الاجتماعية، وظهور ما يسمى السلطة الدينية إسلامياً أو مسيحياً، في ظل غياب مفهوم الدولة التي تجعل القانون والمواطنة أساساً لها.