الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الخليج العربي.. تغيير ثقافة الحياة

تشكل الشعوب الخليجية اليوم محور الاهتمام الدولي، فهذه المنطقة من العالم تمتلك الكثير من المفاتيح السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط، وإذا أخذنا بالاعتبار أن التغيرات الثقافية هي المحور الرئيس في حياة الشعوب، فلا بد من الاعتراف بأن منطقة الخليج وبجميع دولها ومجتمعاتها مرت خلال الخمسة عقود الماضية بطفرات اقتصادية، انعكست على تلك الشعوب وحملتها على أن تتأثر بقوة فيما يخص قيمها، وبعض عاداتها وسلوكها الاستهلاكي.

وإذا جاز لنا التعبير، فإنه يمكننا القول بأن التشويش الثقافي قد حصل وانتشر بين الشعوب الخليجية، التي سمحت إنجازاتها الاقتصادية لها بأن تكون الأكثر حصولاً على الثروات عالمياً خلال العقود الماضية، وأعتقد أن الأداء السياسي الإيجابي في هذه الدول لم يبخل على تلك الشعوب بأن تكون المستفيد الأول من تلك التحولات الاقتصادية الإيجابية، ولكن السؤال الأهم هو: كيف ستؤثر التقلبات الاقتصادية والتحولات العالمية على هذه الشعوب؟، وكيف يجب أن تتصرف السياسة تجاه هذه التحولات؟ المطلوب اليوم هو أن تسهم الحكومات الخليجية في نقل الشعوب من ثقافة الحياة المفتوحة إلى ثقافة الحياة المُجدولة، لأن ذلك أصبح مطلباً آنياً كما كانت الطفرة مطلباً زمنياً في مرحلة ماضية، فالشعوب الخليجية لا تزال تمتلك مخزون القوة المتمثل في تراثها الثقافي، فالأجداد تعلموا مواجهة الصعاب بالإنجازات على مستوى حياتهم السياسية والاقتصادية.

ليس من المستحيل أن تتعلم الشعوب الخليجية تلك الفصول العظيمة من تاريخها الماضي، وليس من الصعب أيضاً أن تتعلم الأجيال القادمة أنه من المهم الانتقال من ثقافة إلى ثقافة أخرى، لكي تبقى تلك الشعوب حية في ذاكرة التاريخ والإنسانية، ومن المؤكد أن مؤسسات التعليم هي المسؤول الأول والأخير عن بناء ثقافة الحياة المُجدولة الحديثة التي تؤمن بقيمة العمل والإنجاز في حياة هذه الشعوب، استناداً إلى إنجازات الأجداد كما يرويها تراث دول الخليج.


ومن المهم الإحساس بهذا الجيل وضبط اتجاهاته الثقافية ومضاعفة الإحساس بأهمية التغيير الاجتماعي، ومنح الأجيال الجديدة الفرص لكي تمارس الاعتماد على ذاتها، وبناء مسارات حياتها الحديثة وفق إنجازات يتم تحقيقها بتفوق، وإذا لم يحدث ذلك، فإن المقابل أن توصم الثقافة الخليجية بالتخلف، وهذا معاكس للحقيقة التاريخية والثقافية لمنطقتنا الخليجية التي بناها جيل من الأجداد، اتسموا بأعلى معايير الحياة المجدولة والصارمة، لكي يحققوا هذه الإنجازات القائمة في دولنا الخليجية.