الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

بوتين.. والمنطقة

لا تزال قضية التدخلات الروسية الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط وحوض المتوسط تثير كثيرا من التساؤلات حول الأهداف المرجوة منها، خصوصا أنّها كانت بطرق مختلفة كالتدخلات العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية وحتّى الدينية، لكن ما الذي يهدف إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فعلا من هذا التدخل؟، في الواقع هناك عدة آراء حول ذلك:

أولاً، حجز مكان متقدم في النظام الدولي المقبل، حيث من الصعب على أي طرف مع ارتفاع حدة الصراعات والتنافسات اليوم، أن يحوز ذلك دون الهيمنة والسيطرة على مناطق النفوذ،خ صوصا أنّ روسيا تراجعت عن ذلك، وانكفأت على نفسها بعد الحقبة السوفياتية، ويريد بوتين اليوم محاولة الكرّة.

ثانياً، الحصول على جزء من الكعكة الاقتصادية، فقد وصل بوتين إلى قناعة تفيد بأنّه بلا تدخل عسكري حقيقي لن يستطيع جني الثمار، وهذا ما تفعله الدول الغربية عادة، حيث تنزع دوما إلى العنف لتحقيق مكاسب اقتصادية.


ثالثاً، محاولة بوتين مقايضة أمريكا وأوروبا في قضايا وخلافات كثيرة، فكان لا بد من التدخل والاستحواذ على هذه المناطق حتى يكون للروس القدرة على التفاوض والمناورة لاحقا.


رابعاً، لعبة الطاقة والغاز، والتي أخذت مستوى متقدم من التجاذبات الإقليمية والدولية حتى تحولت إلى قضية مصيرية، تداخلت فيها مصالح جميع الأطراف، وتستخدم من قبلهم كأداة صراع متقدمة.

رابعاً، سعي روسيا للحصول على مرجعية الكنيسة الأرثودكسية الشرقية في فلسطين، والتي تتنافس عليها مع اليونان، وهي قضية مهمة ذات أبعاد ثقافية ودينية واجتماعية تمنح الروس القدرة على النفاذ والتأثير في الشعوب والمجتمعات.

خامساً، قضية ما يعرف بالحلم الإمبراطوري، وهو موضوع تاريخي يعاد إحياؤه من جديد، وطموح يداعب خيال الكثيرين كالروس والأمريكان والصينيين والأوروبيين والهنود وغيرهم.

سادساً، موافقة السياسة الروسية لمثيلتها الغربية حول ما يسمى «الحرب على الإرهاب»، ومحاصرة ما يعرف بالمشروع الإسلامي.

سادساً، محاولة بوتين التعتيم على مشاكله الداخلية، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.

هذه بعض من أهداف تدخلات بوتين في المنطقة، والتي من المبكر الحكم على نجاحها، حيث يواجه الروس في سبيل ذلك مصاعب كثيرة.

ولكن ما يلفت الانتباه حقيقة، هو أنّ هذه المنطقة «الرخوة»، أصبحت ساحة التصارع والتنافس بين الكبار لاستعراض القوة وتحقيق الهيمنة والمكاسب، وقد غدت السيطرة عليها من أسرع الطرق التي تساعد ربما في تزعم النظام الدولي أو تقاسم حصصه.