الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

ليس معروفاً.. ولا مألوفاً

يبدو أن كل واحد منا ملاك وشيطان معا، ملاك يقول وشيطان يفعل وبلغنا الزمن الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وسيأتي زمان لو عمل أحدهم عشر ما يُكلف به لنجا»، بعد أن قال: «لو ترك أحدكم عشر ما كُلف به لهلك»! إن أمتنا أمةُ كلام جميل وفعل قبيح، وعندما نقول ذلك يخرج علينا البلهاء ليقولوا: «لا للتعميم، وهناك أخيار والخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة»، وهذا كلام يقال عنه لزوم ما لا يلزم وتحصيل حاصل ودعوة إلى الصمت العاجز، فكلنا يعرف أن هناك أخيارا وطيبين ولا للتعميم، والخير في أمتي إلى يوم القيامة، لكن الاستثناء يؤكد القاعدة ولا ينفيها، ونحن نتحدث عن ظاهرة أو ظواهر، والتعليق يجب أن يكون نفيها أو إثباتها، هل هي موجودة أم لا؟ وإذا أخذ هؤلاء بقاعدة (لا للتعميم)، فإن عليهم أن يقرؤوا آيات الله ومنها قوله تعالى: (وكان الإنسان عجولا).. (إن الإنسان خلق هلوعا).. (وخلق الإنسان ضعيفا)، وهنا يمكن أن يقولوا لرب العزّة جل وعلا: لا للتعميم يا رب.
إن هناك أخياراً وأقوياء لديهم أناة وتريث، فالعرب أمة افتراضية وليست حقيقية، وكل الكيانات مثل الجامعة العربية افتراضية، تشبه تماما المجموعات أو ما يسمونه ( الجروبات أو الكروبات) على الفيسبوك، وكل البيانات والتوصيات والقرارات العربية تشبه منشورات رواد مواقع التواصل، فهي كلام جميل يخفي أفعالاً وشخصيات قبيحة ذميمة دميمة، وكل الآراء انطباعية وقتية انفعالية لا تدل أبدا على مواقف حقيقية.
هذه أُمة رد الفعل وليست أمة الفعل، وبالتالي فهي أمة التطرف وسوء التصرف، ولا توجد في هذه الأمة معارضة، لأن المعارضة تعني أن تطرح البديل لما تعارضه، أما في أمة العرب فإنه الرفض لا المعارضة، والرفض كراهية وتطرف وإرهاب وسب وقذف وقتل، لأنك ترفض شخصا أو نظام حكم أو مجموعة ولا تعارض رأيا أو موقفا أو قرارا، والمعارضة أن تقول: «هذا خطأ والصواب كذا»، أما الرفض فقولك: «هذا كلام فارغ وأنت لا تفهم وأنت خائن وأنت كافر»، وهكذا تطرفنا يمينا بالجمود والتدين الزائف والغلو والإرهاب، وتطرفنا شمالا بالتفريط والفوضى والانفلات، فنحن قوم اعتدنا أن نَفسدَ بأدوات الإصلاح، ونأمر بالمعروف بأدوات الخروج عن المألوف، بل ونأمر بالمنكر بأدوات المعروف ومجاوزة المألوف!