السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«كورونا» وسفينة العالم

تتواصل تداعيات أزمة انتشار وباء «كورونا» على الصعيد الدولي، بعد أن حذرت منظمة الصحة العالمية من احتمالات تحوله إلى وباء عالمي شرس غير قابل للحصار والاحتواء في منطقة جغرافية محددة. وقد أكدت سرعة تخطي هذا الوباء للحدود وانتقاله بين الدول كالنار في الهشيم، على أن الكرة الأرضية قرية أصغر مما نعتقد، بالرغم من ازدياد عوائق التنقل وتطاول حواجز الحدود التي تفرضها الدول كل يوم على رعايا الدول الأخرى، نتيجة صعود التيارات السياسية الانعزالية وبروز اليمين المتطرف وتفشي المخاوف من ظاهرة الإرهاب، وطغيان الهاجس الأمني على الأبعاد الإنسانية.

ولقد ألقى كورونا حجراً في بركة العلاقات الدولية الهشة، وسلط الضوء على طبيعة الأنظمة في العالم من خلال طريقة تعاطيها مع الوباء وآثاره الاقتصادية والإعلامية والسياسية، فبينما تحدثت وسائل إعلام غربية عن إعدام مسؤول حكومي في كوريا الشمالية خرق الحجر الصحي المفروض عليه بعد عودته من الخارج، وترددت أنباء عن وضع سلطات بيونغ يانغ المئات من الدبلوماسيين الأجانب في العزل الصحي، تواصل بكين سياستها الناضجة والمسؤولية في مكافحة الوباء ومحاصرته، على مسارين رسمي وآخر شعبي متناغم مع الإجراءات التي فرضتها السلطات الصينية ومكمل لها.

وفي ذات الاتجاه، وفي الوقت الذي تقدم فيه دولة الإمارات مثالاً جديداً على علو حسها الإنساني وأخلاقياتها السياسية من خلال التكفل بنقل الطلاب العرب العالقين في مدينة ووهان مركز انتشار الوباء، وإعادتهم إلى أوطانهم، صدمت أخبار انتشار الوباء المريعة في بعض المدن الإيرانية العالم، نتيجة لاستخفاف السلطات الإيرانية بخطورة الوباء وتعمدها إخفاء الحقائق المريعة عن انتشاره والتلاعب بالعدد الحقيقي للمصابين والضحايا.


ومرة أخرى ساهمت سياسة التعتيم الإعلامي التي تتبعها طهران في إلحاق الضرر بدول الجوار، التي سرعان ما تناقلت وسائل الإعلام فيها أنباء اكتشاف حالات «كورونا» بين صفوف زوار عرب قادمين من إيران.


لقد كشفت أزمة كورونا عن وجه آخر سياسي في قضية الوباء الصحي، الذي أرعب العالم وشغل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث أظهرت الأزمة التي ما كان ينبغي لها أن تأخذ بعداً إضافياً من العواقب الوخيمة، التي يمكن أن تصيب العالم أجمع، أهمية أن تدرك الأنظمة السياسية وخصوصاً تلك التي تقود دفة القيادة، أن العالم مَركب واحد يجب عدم السكوت على غرق جزء منه، أو الصمت تجاه العبث الذي قد يلحق ببعض أجزائه، لأن الجميع سيغرق في نهاية المطاف.