السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

جنوب السودان.. والأمل الجديد

سوف يمثل يوم 22 مارس المقبل تاريخاً مهماً لدولة جنوب السودان الفتيّة، فبناء على اتفاق سلام تم توقيعه بين الرئيس سلفا كير ومنافسه ريك مشار، وافق الأخير على العودة لمنصبه السابق بصفة النائب الأول لرئيس الدولة.

ولكن يبقى علينا أن ننتظر حتى نرى ما إذا كانت هذه الاتفاقية الجديدة، سوف تنهي الخلاف المستعصي القائم بين الزعيمين، وكان الخلاف قد انفجر بينهما فجأة في شهر ديسمبر 2013، عندما أعلن سالفا كير عن رغبته في البقاء في الحكم لولاية جديدة كرئيس للدولة.

وبسبب هذا الإعلان، نشبت حرب أهلية شاملة يعود سببها الأول إلى أن مشار يعتبر نفسه الرجل المناسب لشغل هذا المنصب، فغرقت دولة جنوب السودان في حالة من الفوضى بعد عامين فحسب من إعلان استقلالها، وعندما قمت بعدة زيارات إلى البلد خلال هذه الفترة من أجل دعم برامج المساعدات الإنسانية للأطباء الفرنسيين، أفزعني سلوك المقاتلين المتمردين السابقين في الجيش الشعبي لتحرير السودان، الذين كانوا يتصرفون كما لو أن موارد البلد كلها ملك لهم، وخلافاً لعروض الثروة والترف الحضري الذي نراه في أجزاء من العاصمة جوبا، فإن الزائر للمستشفيات البعيدة المعزولة التابعة لمخيمات اللاجئين يلاحظ الإهمال التام من طرف المسؤولين الجدد.


ولم تكن الحرب الأهلية، إلا نتيجة الاختلاف على قيادة البلد، وبلغ عدد القتلى المعلن عنه من طرفي الصراع 400 ألف ضحية، وإتلاف أراضٍ شاسعة بالرغم من التوصل عدة مرات لوقف لإطلاق النار، الذي كان يُنتهك عقب توقيعه مباشرة.


ونشير إلى أن جنوب السودان بلد غنيّ بثرواته وموارده الطبيعية الكثيرة، فضلاً عن حقول النفط التي تضخ عوائد يمكنها أن تغطي حاجة الشعب من البنى التحتية والخدمات.

ولكن يبقى علينا أن ننتظر حتى نتحقق مما إذا كانت الكلمة الأخيرة ستكون بالفعل للنوايا الحسنة والالتزام الصادق بما تم الاتفاق عليه، في الوقت الذي تم فيه تقسيم البلد إلى 10 ولايات اتحادية تفصل بينها الخطوط الإثنية، التي تعد وصفة ممتازة لإثارة المزيد من الخلافات، كما أن الرئيس سلفا كير أصرّ على إبقاء منطقة «روينج»، التي تضم آبار النفط الرئيسة تحت سيطرته، ولم يبق أمام ريك مشار إلا القبول صاغراً خوفاً على حياته، إلى هنا نأمل أن يضمن وسطاء السلام الأجانب هذه الصفقة بوعودها وآمالها.