السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

تركيا والصراع الأمريكي - الروسي على سوريا

منذ ظهور الأزمة السورية 2011، عولت الحكومة التركية كثيراً على تصريحات الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بانتهاء صلاحية نظام الأسد، بسبب عنفه ومجازره ضد الاحتجاجات الشعبية، وخابت الظنون التركية بعد امتناع أمريكا عن تنفيذ بنود جنيف 1 يونيو 2012، الذي دعت إليه بنفسها بحجة منع وقوع الفوضى إذا سقط أي عسكري.

ورأى باحثون أن أمريكا وروسيا تعمدتا إفشال مؤتمر جنيف ومنعتا تشكيل حكومة انتقالية، وقالوا: إن مصالح أمريكا هي استدامة الصراع في سوريا، وأوكلت إلى روسيا تولي الملف السوري سياسياً، بالتعاون مع إيران وميليشياتها أمنياً وعسكرياً، وبعد فشل إيران تدخل الجيش الروسي عسكرياً يوم 30 سبتمبر 2015، بعد أسبوع من لقاء بين الرئيسين التركي والروسي في موسكو، اتفقا فيه على تشكيل لجنة تركية - روسية لمتابعة أوضاع سوريا.

وهكذا أدركت تركيا أنها لا تملك مواجهة المشاريع الدولية في سوريا، وذهبت للبحث عن مصالحها الخاصة ضمن إمكاناتها، وعملت على أن يكون تدخلها العسكري في سوريا متفقاً مع القوى الكبرى، وأعلنت أن أهدافها محصورة بحماية الأمن القومي التركي، وأخذت تتفاوض عليه مع كل من أمريكا وروسيا بانفراد، وأصبحت أمريكا تتفاهم مع تركيا بما يعوق تنفيذ الرؤية الروسية في سوريا، وتتفاهم تركيا مع روسيا بما يعوق الخطة الأمريكية التي تضر بها في سوريا.


فكانت الخطة الأمريكية هي أبقاء الأمور على ما هي عليه لحين إيجاد حل سياسي لا يعيد سوريا لما كانت عليه قبل 2011، بينما تعمل روسيا مع الأسد من أجل عكس ذلك، وهكذا أصبح الموقف التركي رهين المشاريع الدولية، فلا هي تملك الاصطفاف مع المشروع الأمريكي في سوريا بالكامل، كما لا تستطيع ذلك مع روسيا، ولا مع إيران، وفي حال تراجع روسيا عن اتفاقياتها مع تركيا في سوتشي فإن تركيا ستسير مع أمريكا أكثر، وإذا وجدت أن أمريكا نكثت في تنفيذ تعهداتها معها في شمال سوريا فإنها ستسير مع روسيا أكثر، وهي تدرك أن روسيا وأمريكا تحركهما المصالح الخاصة وليس الاتفاقيات معها، لذلك فإنها تتقدم خطوة وتتراجع أخرى.


لا تملك تركيا الاستغناء عن اتفاقياتها مع أمريكا ولا مع روسيا، وبالأخص فيما أبرمه وزراء الدفاع وأجهزة الاستخبارات من اتفاقيات ثنائية، ولكن مصالحها أكبر مع الموقف الأمريكي الذي يسعى لإقامة دولة سورية بدستور وحكومة جديدين، وهذا قد يعرضها مرحلياً لمواجهة جيش الأسد المدعوم روسياً وإيرانياً، كما يُعرضها لأسئلة المعارضة التركية: ما لنا ولسوريا وليبيا؟