الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

واشنطن ـ طالبان.. والتجربة العراقية

الاتفاق الذي جرى توقيعه بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية سابقة في التاريخ السياسي الأمريكي، إذ قبل أكثر من 18 عاماً، أسقطت القوات الأمريكية التي غزت أفغانستان حكم طالبان، ودعمت حكومة بديلة موالية لها، هذه الأخيرة عانت كثيراً من المشكلات التي أثارتها طالبان في مجتمع قبلي ذي طبيعة قاسية، إذ لا يمكن لحكومة في كابول أن تحكم أرجاء بلاد واسعة، ولها حدود مفتوحة مع دول ذات صلة بملفات مهمة منها باكستان وإيران.

إن النتيجة التي توصلت إليها طالبان، في استعادة زمام التفاوض بعد خسارة جولة الحرب الحتمية، كان يتمنى أن يصل إليها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذي أُسقط حكمه في عام 2003 في فترة متقاربة مع الغزو لأفغانستان 2001، بنفس الإدارة تحت رئاسة جورج دبليو بوش، ونُقل عن جنود أمريكان شاركوا في القبض على صدام حسين، أنه حين خرج من القبو عرّف نفسه مباشرة قائلاً: أنا صدام حسين ومستعد للتفاوض.

لكن ما جرى في العراق كان في مسار مختلف، ذلك أن فكرة المقاومة برغم قدسية معناها المكفول في الشرائع السماوية والوضعية، أصابها التسييس والتبعية والمساومات، فحين غزا الأمريكان العراق، سكتت التنظيمات الشيعية التي تحكم اليوم، عن أي فعل لفظي أو فعلي ضد محتل أجنبي وتعاملت بمصطلح الحليف والصديق، في حين قادت المقاومة وقتذاك تنظيمات سُنيّة معظمها مرتبط بالنظام السابق في سياق الرد والانتقام، ثم تلوثت المقاومة بتداخل تنظيم القاعدة، وقبل أن تنضج معطيات المقاومة كانت هناك مفاوضات تجري مع الأمريكان أفرزت الصحوات السُنيّة تحت غطاءين سياسي وعشائري لتنقية المقاومة من القاعدة.


وما لبثت المعادلة أن تغيرت وبرزت مصطلحات المقاومة الشيعية حين حسمت مسألة الحكم لصالح أحزاب الشيعة، وتفجرت الخلافات بين إيران وأمريكا، فعندما خسرت طالبان الحكم تحوّلت ككتلة ذات تنظيم متراص إلى المقاومة، وحافظت على نفسها من الاختراق، لذلك بقيت رقماً صعباً حتى النهاية، برغم من الخسائر التي تكبدتها.


إن الولايات المتحدة متحمسة للاتفاق لأنه وسيلة لسد باب حرب طويلة باهظة الثمن، فحركة طالبان ترى أنها استطاعت إنهاء الاحتلال، وستكون لها اليد الطولى في المعادلة الداخلية مع الأيام في مجتمع قبلي يساعد أذرع طالبان السياسية على النمو.